ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل: " وطلح منضود " وطلع منضود. ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: " وجاءت سكرة الموت بالحق " وجاءت (سكرة الحق) الحق بالموت. ومنها بالزيادة والنقصان، مثل قوله: تسع وتسعون نعجة أنثى، وقوله: واما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين، وقوله: فان الله من بعد اكراههن لهن غفور رحيم.
القول الخامس: ان المراد بالأحرف السبعة معاني كتاب الله تعالى، وهي امر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. قال ابن عطية وهذا ضعيف لان هذا لا يسمى أحرفا، وأيضا فالاجماع على أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغير شئ من المعاني.
وذكر القاضي ابن الطيب في هذا المعنى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ولكن ليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها، وانما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة، منه قوله تعالى: " ومن الناس من يعبد الله على حرف " (1) فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك. وقد قيل: ان المراد بقوله عليه السلام " انزل القران على سبعة أحرف " القراءات السبع التي قرأ بها القراء السبعة، لأنها كلها صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس بشئ لظهور بطلانه على ما يأتي.
(فصل) قال كثير من علمائنا كالداوودي وابن أبي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة، ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وانما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره. وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء، وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى، فالتزمه طريقة ورواه واقرأ به واشتهر عنه، وعرف به ونسب إليه، فقيل:
حرف نافع، وحرف ابن كثير، ولم يمنع واحد منهم اختار الاخر ولا أنكره بل سوغه وجوزه، وكل واحد من هؤلاء السبعة روى عنه اختار ان أو أكثر، وكل صحيح. وقد أجمع المسلمون في هذه الاعصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة مما رووه ورأوه من القراءات وكتبوا