عليه السلام على السحرة، فإن الله سبحانه إنما جعل معجزات الأنبياء عليهم السلام بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمان النبي الذي أراد إظهاره، فكان السحرة في زمان موسى عليه السلام قد انتهى إلى غايته، وكذلك الطب في زمن عيسى عليه السلام، والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم.
باب التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن وغيره لا التفات لما وضعه الواضعون، وغير ذلك من فضائل الأعمال، قد ارتكبها جماعة كثيره اختلفت أغراضهم ومقاصدهم في ارتكابها، فمن قوم من الزنادقة م ث ل: المغيرة بن سعيد الكوفي، ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة، وغيرهما، وضعوا أحاديث وحدثوا بها ليوقعوا بذلك الشك في قلوب الناس، فمما رواه محمد بن سعيد عن أنس بن مالك في قوله صلى الله عليه وسلم: " أنا خاتم الأنبياء لا نبي بعدي إلا ما شاء الله " فزاد هذا الاستثناء لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة.
قلت: وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب (التمهيد) ولم يتكلم عليه، بل تأول الاستثناء على الرؤيا، فالله أعلم.
ومنهم قوم وضعوا الحديث لهوى يدعون الناس إليه، قال شيخ من شيوخ الخوارج بعد أن تاب: إن هذه الأحاديث دين، فانظروا ممن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا.
ومنهم جماعة وضعوا الحديث حسبة كما زعموا، يدعون الناس إلى فضائل الأعمال، كما روى عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي، ومحمد بن عكاشة الكرماني، وأحمد بن عبد الله الجويباري، وغيرهم. قيل لأبي عصمة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة. قال أبو عمرو عثمان بن