من رمى زوجته بأن أسقط عنه الحد إذا شهد أربع شهادات. ومما خصته السنة حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقسامة. وقد روي ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة). خرجه الدارقطني. وقد احتج مالك لهذه المسألة في موطئه بما فيه كفاية، فتأمله هناك.
مسالة: واختلفوا أيضا في وجوب القود بالقسامة، فأوجبت طائفة القود بها، وهو قول مالك والليث وأحمد وأبي ثور، لقوله عليه السلام لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن:
(أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم). وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجلا بالقسامة من بنى نضر بن مالك. قال الدارقطني:
نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيحة، وكذلك أبو عمر بن عبد البر يصحح حديث عمرو بن شعيب، ويحتج به، وقال البخاري: رأيت علي بن المديني وأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون به قاله الدارقطني في السنن. وقالت طائفة: لا قود بالقسامة، وإنما توجب الدية. روي هذا عن عمر وابن عباس، وهو قول النخعي والحسن، وإليه ذهب الثوري والكوفيون الشافعي وإسحاق، واحتجوا بما رواه مالك عن ابن أبي ليلى بن عبد الله عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله للأنصار: (إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب). قالوا: وهذا يدل على الدية لا على القود، قالوا: ومعنى قوله عليه السلام: (وتستحقون دم صاحبكم) دية دم قتيلكم لان اليهود ليسوا بأصحاب لهم، ومن استحق دية صاحبه فقد استحق دمه، لان الدية قد تؤخذ في العمد فيكون ذلك استحقاقا للدم.
مسألة: الموجب للقسامة اللوث ولا بد منه. واللوث: أمارة تغلب على الظن صدق مدعى القتل، كشهادة العدل الواحد على رؤية القتل، أو يرى المقتول يتشحط (1) في دمه، والمتهم نحوه أو قربه عليه آثار القتل. وقد اختلف في اللوث والقول به، فقال مالك: هو قول المقتول دمى عند فلان. والشاهد العدل لوث. كذا في رواية ابن القاسم عنه.