الرابعة - واختلف المتأولون أيضا هل عرض على الملائكة أسماء الأشخاص أو الأسماء دون الأشخاص، فقال ابن مسعود وغيره: عرض الأشخاص لقوله تعالى: " عرضهم " وقوله: " أنبئوني بأسماء هؤلاء ". وتقول العرب: عرضت الشئ فأعرض، أي أظهرته فظهر. ومنه: عرضت الشئ للبيع. وفي الحديث (إنه عرضهم أمثال الذر). وقال ابن عباس وغيره: عرض الأسماء. وفي حرف ابن مسعود: " عرضهن "، فأعاد على الأسماء دون الأشخاص، لان الهاء والنون أخص بالمؤنث. وفي حرف أبي: " عرضها ". مجاهد: أصحاب الأسماء. فمن قال في الأسماء إنها التسميات فاستقام على قراءة أبي: " عرضها ". وتقول في قراءة من قرأ " عرضهم ": إن لفظ الأسماء يدل على أشخاص، فلذلك ساغ أن يقال للأسماء: " عرضهم ". وقال في " هؤلاء " المراد بالإشارة: إلى أشخاص الأسماء، لكن وإن كانت غائبة فقد حضر ما هو منها بسبب وذلك أسماؤها. قال ابن عطية: والذي يظهر أن الله تعالى علم آدم الأسماء وعرضهن عليه مع تلك الأجناس بأشخاصها، ثم عرض تلك على الملائكة وسألهم عن تسمياتها التي قد تعلمها، ثم إن آدم قال لهم: هذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا.
وقال الماوردي: وكان الأصح توجه العرض إلى المسمين. ثم في زمن عرضهم قولان:
أحدهما أنه عرضهم بعد أن خلقهم. الثاني - أنه صورهم لقلوب الملائكة ثم عرضهم.
الخامسة - واختلف في أول من تكلم باللسان العربي، فروي عن كعب الأحبار:
أن أول من وضع الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها وتكلم بالألسنة كلها آدم عليه السلام. وقاله غير كعب الأحبار.
فإن قيل: قد روي عن كعب الأحبار من وجه حسن قال: أول من تكلم بالعربية جبريل عليه السلام وهو الذي ألقاها على لسان نوح عليه السلام وألقاها نوح على لسان ابنه سام، ورواه ثور بن زيد عن خالد بن معدان عن كعب. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن عشر سنين). وقد روى أيضا: أن أول من تكلم بالعربية يعرب بن قحطان، وقد روي غير ذلك. قلنا: الصحيح أن