قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس، فقالت له الملائكة: قل الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال الله له: رحمك ربك، فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن يبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول: " خلق الانسان من عجل (1) " [الأنبياء: 37] " فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين (2) " [الحجر: 30 - 31] وذكر القصة.
وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. أديم: جمع أدم، قال الشاعر:
الناس أخياف (3) وشتى في الشيم * وكلهم يجمعهم وجه الادم فآدم مشتق من الأديم والأدم لا من الأدمة، والله أعلم. ويحتمل أن يكون منهما جميعا.
وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في خلق آدم في " الانعام (4) " وغيرها إن شاء الله تعالى.
و " آدم " لا ينصرف. قال أبو جعفر النحاس: " آدم لا ينصرف في المعرفة بإجماع النحويين، لأنه على أفعل وهو معرفة، ولا يمتنع شئ من الصرف عند البصريين إلا لعلتين.
فإن نكرته ولم يكن نعتا لم يصرفه الخليل وسيبويه، وصرفه الأخفش سعيد، لأنه كان نعتا وهو على وزن الفعل، فإذا لم يكن نعتا صرفه. قال أبو إسحاق الزجاج: القول قول سيبويه، ولا يفرق بين النعت وغيره لأنه هو ذاك بعينه ".
الثانية - قوله تعالى: " الأسماء كلها " " الأسماء " هنا بمعنى العبارات، فإن الاسم قد يطلق ويراد به المسمى، كقولك: زيد قائم، والأسد شجاع. وقد يراد به التسمية ذاتها، كقولك: أسد ثلاثة أحرف، ففي الأول يقال: الاسم هو المسمى بمعنى يراد به المسمى، وفي الثاني لا يراد به المسمى، وقد يجرى اسم في اللغة مجرى ذات العبارة وهو الأكثر من