وقد تعين عليه حتى يأخذ عليه أجرا فقد دخل في مقتضى الآية. والله أعلم. وقد روى أبو داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) يعنى ريحها.
الثانية - وقد اختلف العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم - لهذه الآية وما كان في معناها - فمنع ذلك الزهري وأصحاب الرأي وقالوا: لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن لان تعليمه واجب من الواجبات التي يحتاج فيها إلى نية التقرب والاخلاص فلا يؤخذ عليها أجرة كالصلاة والصيام. وقد قال تعالى: " ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ".
وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (معلمو صبيانكم شراركم أقلهم رحمة باليتيم وأغلظهم على المسكين) روى أبو هريرة قال: قلت يا رسول الله ما تقول في المعلمين؟
قال: (درهمهم حرام وثوبهم سحت وكلامهم رياء) وروى عبادة بن الصامت قال:
علمت ناسا من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله فسألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها). وأجاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأكثر العلماء لقوله عليه السلام في حديث ابن عباس - حديث الرقية -:
(إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله). أخرجه البخاري وهو نص يرفع الخلاف فينبغي أن يعول عليه.
وأما ما احتج به المخالف من القياس على الصلاة والصيام ففاسد لأنه في مقابلة النص ثم إن بينهما فرقانا وهو أن الصلاة والصوم عبادات مختصة بالفاعل وتعليم القرآن عبادة متعدية لغير المعلم فتجوز الأجرة على محاولته النقل كتعليم كتابة القرآن. قال ابن المنذر:
وأبو حنيفة يكره تعليم القرآن بأجرة ويجوز أن يستأجر الرجل يكتب له لوحا أو شعرا أو غناء معلوما بأجر معلوم فيجوز الإجارة فيما هو معصية ويبطلها فيما هو طاعة.