أول من تكلم باللغات كلها من البشر آدم عليه السلام، والقرآن يشهد له قال الله تعالى: " وعلم آدم الأسماء كلها " [البقرة: 31] واللغات كلها أسماء فهي داخلة تحته وبهذا جاءت السنة، قال صلى الله عليه وسلم: (وعلم آدم الأسماء كلها حتى القصعة والقصيعة) وما ذكروه يحتمل أن يكون المراد به أول من تكلم بالعربية من ولد إبراهيم عليه السلام إسماعيل عليه السلام. وكذلك إن صح ما سواه فإنه يكون محمولا على أن المذكور أول من تكلم من قبيلته بالعربية بدليل ما ذكرنا والله أعلم. وكذلك جبريل أول من تكلم بها من الملائكة وألقاها على لسان نوح بعد أن علمها الله آدم أو جبريل، على ما تقدم، والله أعلم.
قوله تعالى: (هؤلاء) لفظ مبني على الكسر. ولغة تميم وبعض قيس وأسد فيه القصر، قال الأعشى:
هؤلاء ثم هؤلاء كلا أعطيت * نعالا محذوة بمثال ومن العرب من يقول: هؤلاء، فيحذف الألف والهمزة (1).
السادسة - قوله تعالى: (إن كنتم صادقين) شرط، والجواب محذوف تقديره:
إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض فأنبئوني، قاله المبرد. ومعنى " صادقين " عالمين، ولذلك لم يسغ للملائكة الاجتهاد وقالوا: " سبحانك "! حكاه النقاش قال: ولو لم يشترط عليهم إلا الصدق في الانباء لجاز لهم الاجتهاد كما جاز للذي أماته الله مائة عام حين قال له: " كم لبثت " فلم يشترط عليه الإصابة، فقال ولم يصب ولم يعنف، وهذا بين لا خفاء فيه. وحكى الطبري وأبو عبيد: أن بعض المفسرين قال إن معنى " إن كنتم ":
إذ كنتم، وقالا: هذا خطأ. و " أنبئوني " معناه أخبروني. والنبأ: الخبر، ومنه النبئ بالهمز، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى (2).
السابعة - قال بعض العلماء: يخرج من هذا الامر بالانباء تكليف ما لا يطاق لأنه علم أنهم لا يعلمون. وقال المحققون من أهل التأويل: ليس هذا على جهة التكليف وإنما