من بين سائر عيال (1) الله، لان الله تعالى ألزمها ذلك في آدم عليه السلام فتأدبت بذلك الأدب.
فكلما ظهر لها علم في بشر خضعت له وتواضعت وتذللت إعظاما للعلم وأهله، ورضا منهم (2) بالطلب له والشغل به. هذا في الطلاب منهم فكيف بالأحبار فيهم والربانيين منهم! جعلنا الله منهم وفيهم، إنه ذو فضل عظيم.
الثالثة - اختلف العلماء من هذا الباب، أيما أفضل الملائكة أو بنو آدم على قولين:
فذهب قوم إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة، والأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة. وذهب آخرون إلى أن الملأ الأعلى أفضل. احتج من فضل الملائكة بأنهم " عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " [الأنبياء: 26 - 27] " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " [التحريم: 6]. وقوله: " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون (3) " [النساء: 172] وقوله: " قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك (4) " [الانعام: 50]. وفي البخاري: (يقول الله عز وجل: " من ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم).
وهذا نص. احتج من فضل بني آدم بقوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريئة (5) " [البينة: 7] بالهمز، من برأ الله الخلق. وقوله عليه السلام: (وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضي لطالب العلم) الحديث. أخرجه أبو داود، وبما جاء في أحاديث من أن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة، ولا يباهي إلا بالأفضل، والله أعلم. وقال بعض العلماء:
ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم، لان طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأمة، وليس ها هنا شئ من ذلك، خلافا للقدرية والقاضي أبي بكر رحمه الله حيث قالوا: الملائكة أفضل. قال: وأما من قال من أصحابنا والشيعة: إن الأنبياء أفضل لان الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم، فيقال لهم: المسجود له لا يكون أفضل من الساجد، ألا ترى أن الكعبة مسجود لها والأنبياء والخلق يسجدون نحوها، ثم إن الأنبياء خير من الكعبة باتفاق الأمة. ولا خلاف أن السجود