السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود في قصة خلق آدم عليه السلام قال: فبعث الله جبريل عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: أعوذ بالله منك أن تنقص (1) مني أو تشينني، فرجع ولم يأخذ وقال:
يا رب إنها عاذت بك فأعذتها. فبعث مكائيل فعاذت منه فأعاذها، فرجع فقال كما قال جبريل، فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره.
فأخذ من وجه الأرض وخلط، ولم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين - ولذلك سمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض - فصعد به، فقال الله تعالى له: (أما رحمت الأرض حين تضرعت إليك) فقال: رأيت أمرك أوجب من قولها. فقال: (أنت تصلح لقبض أرواح ولده) قبل التراب حتى عاد طينا لازبا، اللازب: هو الذي يلتصق بعضه ببعض، ثم ترك حتى أنتن، فذلك حيث يقول:
" من حمإ مسنون " [الحجر: 26] قال: منتن. ثم قال للملائكة: " إني خالق بشرا من طين. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (2) " [ص: 71 - 72]. فخلقه الله بيده لكيلا يتكبر إبليس عنه. يقول:
أتتكبر عما خلقت بيدي ولم أتكبر أنا عنه! فخلقه بشرا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه وكان أشدهم منه فزعا إبليس فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار تكون له صلصلة، فذلك حين يقول:
" من صلصال كالفخار (3) " [الرحمن: 14]. ويقول لأمر ما خلقت!. ودخل من فمه وخرج من دبره، فقال إبليس للملائكة: لا ترهبوا من هذا فإنه أجوف ولئن سلطت عليه لأهلكنه. ويقال: إنه كان إذا مر عليه مع الملائكة يقول: أرأيتم هذا الذي لم تروا من الخلائق يشبهه إن فضل عليكم وأمرتم بطاعته ما أنتم فاعلون! قالوا: نطيع أمر ربنا فأسر إبليس في نفسه لئن فضل علي فلا أطيعه، ولئن فضلت عليه لأهلكنه، فلما بلغ الحين الذي أريد أن ينفخ فيه الروح