في ذلك مصنفات، فاستمر الاجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب، وعلى هذا الأئمة المتقدمون والفضلاء المحققون كالقاضي أبي بكر بن الطيب والطبري وغيرهما.
قال ابن عطية: ومضت الاعصار والأمصار على قراءة السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالاجماع، واما شاذ القراءات فلا يصلى له لأنه لم يجمع الناس عليه، اما ان المروى منه عن الصحابة رضي الله عنهم وعن علماء التابعين فلا يعتقد فيه الا انهم رووه، واما ما يؤثر عن أبي السمال (1) ومن قارنه فإنه لا يوثق به. قال غيره: اما شاذ القراءة عن المصاحف المتواترة فليست بقران، ولا يعمل بها على انها منه، وأحسن محاملها ان تكون بيان تأويل مذهب من نسبت إليه كقراءة ابن مسعود: فصيام ثلاثة أيام متتابعات. فأما لو صرح الراوي بسماعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختلف العلماء في العمل بذلك على قولين: النفي والاثبات، وجه النفي ان الراوي لم يروه في معرض الخبر بل في معرض القران، ولم يثبت فلا يثبت. والوجه الثاني انه وان لم يثبت كونه قرانا فقد ثبت كونه سنة، وذلك يوجب العمل كسائر اخبار الآحاد.
فصل في ذكر معنى حديث عمر وهشام. قال ابن عطية: أباح الله تعالى لنبيه عليه السلام هذه الحروف السبعة، وعارضه بها جبريل عليه السلام في عرضاته على الوجه الذي فيه الاعجاز وجودة الرصف، ولم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: " فاقرءوا ما تيسر منه " بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد ان يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه، ولو كان هذا لذهب اعجاز القران، وكان معرضا ان يبدل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله، وانما وقعت الإباحة في الحروف السبعة للنبي صلى الله عليه وسلم ليوسع بها على أمته، فأقرأ مرة لأبي بما عارضه به جبريل، ومرة لابن مسعود بما عارضه به أيضا، وعلى هذا تجئ قراءة عمر بن الخطاب لسورة " الفرقان " وقراءة