تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٧٥
ومما تقدم يظهر ان ما ذكره بعضهم ان قوله لكل اجل كتاب من باب القلب واصله لكل كتاب اجل أي ان لكل كتاب منزل من عند الله وقتا مخصوصا ينزل فيه ويعمل عليه فللتوراة وقت وللإنجيل وقت وللقرآن وقت وجه لا يعبأ به.
قوله تعالى: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " محو الشئ هو اذهاب رسمه واثره يقال محوت الكتاب إذا أذهبت ما فيه من الخطوط والرسوم قال تعالى:
" ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته " الشورى: 24 أي يذهب باثار الباطل كما قال " فأما الزبد فيذهب جفاء " وقال " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " اسرى 12 أي أذهبنا اثر الابصار من الليل فالمحو قريب المعنى من النسخ يقال نسخت الشمس الظل أي ذهبت باثره ورسمه.
وقد قوبل المحو في الآية بالاثبات وهو اقرار الشئ في مستقره بحيث لا يتحرك ولا يضطرب يقال أثبت الوتد في الأرض إذا ركزته فيها بحيث لا يتحرك ولا يخرج من مركزه فالمحو هو إزالة الشئ بعد ثبوته برسمه ويكثر استعماله في الكتاب.
ووقوع قوله " يمحو الله ما يشاء ويثبت " بعد قوله لكل اجل كتاب واتصاله به من جانب وبقوله وعنده أم الكتاب من جانب ظاهر في أن المراد محو الكتب واثباتها في الأوقات والآجال فالكتاب الذي أثبته الله في الاجل الأول ان شاء محاه في الاجل الثاني وأثبت كتابا آخر فلا يزال يمحى كتاب ويثبت كتاب آخر.
وإذا اعتبرنا ما في الكتاب من آية وكل شئ آية صح ان يقال لا يزال يمحو آية ويثبت آية كما يشير إليه قوله: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " البقرة: 106 وقوله: " وإذا بدلنا آية مكان آية " الآية النحل: 101.
فقوله يمحو الله ما يشاء ويثبت على ما فيه من الاطلاق يفيد فائدة التعليل لقوله لكل اجل كتاب والمعنى ان لكل وقت كتابا يخصه فيختلف فاختلاف الكتب باختلاف الأوقات والآجال انما ظهر من ناحية اختلاف التصرف الإلهي بمشيته لا من جهة اختلافها
(٣٧٥)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»
الفهرست