تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٧٣
وفيه انه خلاف المعهود من اطلاق القرآن لفظة الذين أوتوا الكتاب على أن ذلك يؤدى إلى كون لاية مشتملا على معنى مكرر.
وربما ذكر بعضهم ان المراد بهم اليهود خاصة والكتاب هو التوراة والمراد بانكار بعض أحزابهم بعض القرآن وهو ما لا يوافق احكامهم المحرفة مع أن الجميع ينكرون ما لا يوافق ما عندهم انكاره من غير فرح واما الباقون فكانوا فرحين ومنكرين وقد أطالوا البحث عن ذلك.
وعن بعضهم ان المراد بالموصول عامة المسلمين وبالأحزاب اليهود والنصارى والمجوس وعن بعضهم ان تقدير قوله واليه مآب واليه مآبي ومآبكم وهذه أقوال لا دليل من اللفظ على شئ منها ولا جدوى في إطالة البحث عنها.
قوله تعالى: " وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق " الإشارة بقوله كذلك إلى الكتاب المذكور في الآية السابقة وهو جنس الكتاب النازل على الأنبياء الماضين كالتوراة والإنجيل.
والمراد بالحكم هو القضاء والعزيمة فان ذلك هو شأن الكتاب النازل من السماء المشتمل على الشريعة كما قال: " وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " البقرة: 212 فالكتاب حكم الهى بوجه وحاكم بين الناس بوجه فهذا هو المراد بالحكم دون الحكمة كما قيل.
وقوله عربيا صفة لحكم وإشارة إلى كون الكتاب بلسان عربي وهو لسانه صلى الله عليه وآله وسلم سنة الله التي قد خلت في عباده قال تعالى: " وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه " إبراهيم: 4 وهذا كما لا يخفى من الشاهد على أن المراد بالمذكورين في الآية السابقة اليهود والنصارى وان هذه الآيات متعرضة لشأنهم كما كانت الآيات السابقة عليها متعرضة لشأن المشركين.
وعلى هذا فالمراد بقوله: " ولئن اتبعت أهواءهم " الخ النهى عن اتباع أهواء أهل الكتاب وقد ذكر في القرآن من ذلك شئ كثير وعمدة ذلك انهم كانوا يقترحون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية غير القرآن كما كان المشركون يقترحونها وكانوا يطمعون ان يتبعهم فيما عندهم من الاحكام لا حالتهم النسخ في الاحكام وهذان الأمران ولا سيما
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست