تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٧٩
وقوله والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب يريد به ان الغلبة لله سبحانه فإنه يحكم وليس قبال حكمه أحد يعقبه ليغلبه بالمنع والرد وهو سبحانه يحاسب كل عمل بمجرد وقوعه بلا مهلة حتى يتصرف فيه غيره بالاخلال فقوله والله يحكم الخ في معنى قوله في ذيل آية سورة الأنبياء المتقدمة أفهم الغالبون.
قوله تعالى: " وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا " إلى آخر الآية أي وقد مكر الذين من قبلهم فلم ينفعهم مكرهم ولم يقدروا على صدنا من أن ناتى الأرض فننقصها من اطرافها فالله سبحانه يملك المكر كله ويبطله ويرده إلى أهله فليعتبروا.
وقوله " يعلم ما تكسب كل نفس " في مقام التعليل لملكه تعالى كل مكر فان المكر انما يتم مع جهل الممكور به وأما إذا علم به فعنده بطلانه.
وقوله " وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار " قطع للحجاج بدعوى ان مسالة انتهاء الأمور إلى عواقبها من الأمور الضرورية العينية لا تتخلف عن الوقوع وسيشهدونها شهود عيان فلا حاجة إلى الإطالة والاطناب في اعلامهم ذلك فسيعلمون.
(بحث روائي) في الدر المنثور اخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال ": قالت قريش حين انزل وما كان لرسول ان يأتي بآية الا بإذن الله " ما نراك يا محمد تملك من شئ ولقد فرغ من الامر فأنزلت هذه الآية تخويفا لهم ووعيدا لهم " يمحو الله ما يشاء ويثبت " انا ان شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا.
أقول والآية كما تقدم بيانه أجنبية عن هذا المعنى وفى ذيل هذا الحديث ويحدث الله في كل رمضان فيمحو الله ما يشاء ويثبت من ارزاق الناس ومصائبهم وما يعطيهم وما يقسم لهم وفى رواية أخرى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: في الآية: قال يمحو من الرزق ويزيد فيه ويمحو من الاجل ويزيد فيه وهذا من قبيل التمثيل والآية أعم.
وفيه اخرج ابن مردويه عن ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله " يمحو الله
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست