وثانيا ان لله سبحانه في كل شئ قضاء ثابتا لا يتغير وبه يظهر فساد ما ذكره بعضهم ان كل قضاء يقبل التغيير واستدل عليه بمتفرقات الروايات والأدعية الدالة (1) على ذلك والآيات والأخبار الدالة على أن الدعاء والصدقة يدفعان سوء القضاء وفيه ان ذلك في القضاء غير المحتوم.
وثالثا ان القضاء ينقسم إلى قضاء متغير وغير متغير وستستوفي تتمة البحث في الآية عن قريب إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " واما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " اما هو ان الشرطية وما الزائدة للتأكيد والدليل عليه دخول نون التأكيد في الفعل بعده.
وفى الآية ايضاح لما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الوظيفة وهو الاشتغال بأمر الانذار والتبليغ فحسب فلا ينبغي له ان يتبع أهواءهم في نزول آية عليه كما اقترحوا حتى أنه لا ينبغي له ان ينتظر نتيجة بلاغة أو حلول ما أوعدهم الله من العذاب بهم.
وفى الآية دلالة على أن الحساب الإلهي يجرى في الدنيا كما يجرى في الآخرة.
قوله تعالى: " أو لم يروا انا ناتى الأرض ننقصها من اطرافها " الخ كلام مسوق للعبرة بعد ما قدم إليهم الوعيد بالهلاك ومنه يعلم أن اتيان الأرض ونقصها من اطرافها كناية عن نقص أهلها بالإماتة والاهلاك فالآية نظيرة قوله: " بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون انا ناتى الأرض ننقصها من اطرافها أفهم الغالبون " الأنبياء: 44.
وقول بعضهم ان المراد به أو لم ير أهل مكة انا ناتى أرضهم فننقصها من اطرافها بفتح القرى واحدة بعد واحدة للمسلمين فليخافوا ان نفتح بلدتهم وننتقم منهم يدفعه ان السورة مكية وتلك الفتوحات انما كانت تقع بعد الهجرة على أن الآيات بوعيدها ناظرة إلى هلاكهم بغزوة بدر وغيرها لا إلى فتح مكة.