تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٨٦
بعض الكلام المرتبط الاجزاء إلى امد غير محدود.
وقال بعضهم ان كون الآية مكية لا ينافي ان يكون الكلام اخبارا عما سيشهد به.
وفيه ان ذلك يوجب رداءة الحجة وسقوطها فأي معنى لان يحتج على قوم يقولون لست مرسلا فيقال صدقوا به اليوم لان بعض علماء أهل الكتاب سوف يشهدون به.
وقال بعضهم ان هذه الشهادة شهادة تحمل لا يستلزم ايمان الشهيد حين الشهادة فيجوز ان تكون الآية مكية والمراد بها عبد الله بن سلام أو غيره من علماء اليهود والنصارى وان لم يؤمنوا حين نزول الآية.
وفيه ان المعنى حينئذ يعود إلى الاحتجاج بعلم علماء أهل الكتاب وان لم يعترفوا به ولم يؤمنوا ولو كان كذلك لكان المتعين ان يستشهد بعلم الذين كفروا أنفسهم فان الحجة كانت قد تمت عليهم بكون القرآن كلام الله ولا يكون ذلك الا عن علمهم به فما الموجب للعدول عنهم إلى غيرهم وهم مشتركون في الكفر بالرسالة ونفيها على أنه تقدم ان الشهادة في الآية ليست الا شهادة أداء دون التحمل.
وقال بعضهم وهو ابن تيمية وقد اغرب ان الآية مدنية بالاتفاق وهو كما ترى.
وذكر بعضهم ان المراد بالكتاب القرآن الكريم والمعنى ان من تحمل هذا الكتاب وتحقق بعلمه واختص به فإنه يشهد على أنه من عند الله وانى مرسل به فيعود مختتم السورة إلى مفتتحها من قوله: " تلك آيات الكتاب والذي انزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " وينعطف آخرها على اولها وعلى ما في أواسطها من قوله: " أفمن يعلم أن ما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى انما يتذكر اولوا الألباب ".
وهذا في الحقيقة انتصار وتأييد منه تعالى لكتابه قبال ما ازرى به واستهانه الذين كفروا حيث قالوا: " لولا انزل عليه آية من ربه " مرة بعد مرة ولست مرسلا فلم يعبؤا بأمره ولم يبالوا به وأجاب الله عن قولهم مرة بعد مرة ولم يتعرض لأمر القرآن ولم يذكر انه أعظم آية للرسالة وكان من الواجب ذلك فقوله " قل كفى بالله شهيدا بيني
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 » »»
الفهرست