المعجزة الخالدة واما غيره من الخوارق والمعجزات وآيات السورة كما ترى لا تجيب الكفار على ما اقترحوه من هذا القسم الثاني ولا معنى حينئذ للاستشهاد بما لم يجابوا عليه واما القرآن فمن البين ان الاستناد إليه من جهة انه معجزة تصدق الرسالة بدلالتها عليها أي كلام له تعالى يشهد بالرسالة وإذا كان كذلك فما معنى العدول عن كونه كلاما له تعالى يدل على حقية الرسالة أي شهادة لفظية منه تعالى على ذلك بحقيقة معنى الشهادة إلى كونه دليلا فعليا منه عليها سمى مجازا بالشهادة؟
على أن كون فعله تعالى أقوى دلالة على ذلك من قوله ممنوع.
فقد تحصل ان معنى قوله: " الله شهيد بيني وبينكم " ان ما وقع في القرآن من تصديق الرسالة شهادة الهية بذلك.
واما جعل الشهادة شهادة تحمل ففيه افساد المعنى من أصله وأي معنى لارجاع أمر متنازع فيه إلى علم الله واتخاذ ذلك حجة على الخصم ولا سبيل له إلى ما في علم الله في امره؟
أ هو كما يقول أو فرية يفتريها على الله.
وقوله ومن عنده علم الكتاب أي وكفى بمن عنده علم الكتاب شهيدا بيني وبينكم وقد ذكر بعضهم ان المراد بالكتاب اللوح المحفوظ ويتعين على هذا ان يكون المراد بالموصول هو الله سبحانه فكأنه قيل: كفى بالله الذي عنده علم الكتاب شهيدا الخ.
وفيه أو لا انه خلاف ظاهر العطف وثانيا انه من عطف الذات مع صفته إلى نفس الذات وهو قبيح غير جائز في الفصيح ولذلك ترى الزمخشري لما نقل في الكشاف هذا القول عن الحسن بقوله وعن الحسن لا والله ما يعنى الا الله قال بعده والمعنى كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لا يعلم علم ما في اللوح الا هو شهيدا بيني وبينكم انتهى فاحتال إلى تصحيحه بتبديل لفظة الجلالة الله من الذي يستحق العبادة وتبديل من من الذي ليعود المعطوف والمعطوف عليه وصفين فيكون في معنى عطف أحد وصفى الذات على الاخر واناطة الحكم بالذات بما له من الوصفين كدخالتهما فيه فافهم ذلك.
لكن من المعلوم ان تبديل لفظ من لفظ يستقيم إفادته لمعنى لا يوجب استقامة ذلك