وقد بين ان فعله تعالى يستمر على وفق ما جعله من نظام الحق والباطل فالاعتقاد الحق والعمل به ينتهى إلى الارتزاق بالجنة والسلام والباطل من الاعتقاد والعمل به ينتهى إلى اللعنة وسوء الدار ونكد العيش.
وقوله " وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة الا متاع " يريد به على ما يفيده السياق ان الرزق هو رزق الأخرى لكنهم لميلهم إلى ظاهر الحياة الدنيا وزينتها ركنوا إليها وفرحوا بها وقد أخطأوا فإنها حياة غير مقصودة بنفسها ولا خالدة في بقائها بل مقصودة لغيرها الذي هو الحياة الآخرة فهى بالنسبة إلى الآخرة متاع يتمتع به في غيره ولغيره غير مطلوب لنفسه فالحياة الدنيا بالقياس إلى الحياة الآخرة انما تكون من الحق إذا اخذت مقدمة لها يكتسب بها رزقها وأما إذا اخذت مطلوبة بالاستقلال فليست الا من الباطل الذي يذهب جفاء ولا ينتفع به في شئ قال تعالى:
" وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون " العنكبوت: 64.
(بحث روائي) في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (ع): في حديث يذكر فيه أحوال الكفار قوله " فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " الزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن فهو يضمحل ويبطل ويتلاشى عند التحصيل والذي ينفع الناس منه فالتنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والقلوب تقبله والأرض في هذا الموضع هي محل العلم وقراره.
أقول المراد بالتنزيل المراد الحقيقي من كلامه تعالى وبكلام الملحدين المثبت في القرآن هو ما فسروه برأيهم وما ذكره (ع) بعض المصاديق والآية أعم مدلولا كما مر.
وفى الدر المنثور اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة: في قوله " الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " عليكم بالوفاء بالعهد ولا تنقضوا الميثاق فان الله قد نهى عنه وقدم فيه أشد التقدمة وذكره في بضع وعشرين آية نصيحة لكم وتقدمة