تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٤٧
عليه الا حياة واحدة متصلة اولها عناء وبلاء وآخرها رخاء نعيم وسلام وهذا الوعد هو الذي يحكى وفاءه تعالى به حكاية عن أهل الجنة بقوله: " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء " الزمر: 74.
والآية كما سمعت تحاذى قوله يصلون ما أمر الله به ان يوصل وبيان لعاقبة هذا الحق الذي اخذوه وعملوا به وبشرى لهم انهم سيصاحبون الصالحين من أرحامهم وأهليهم من الاباء والأمهات والذراري والاخوان والأخوات وغيرهم ويشمل الجميع قوله آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لان الأمهات أزواج الاباء والاخوان والأخوات والأعمام والأخوال وأولادهم ذريات الاباء والاباء من الداخلين فمعهم أزواجهم وذرياتهم ففي الآية ايجاز لطيف قوله تعالى: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " وهذا عقبى أعمالهم الصالحة التي داموا عليها في كل باب من أبواب الحياة بالصبر على الطاعة وعن المعصية وعند المصيبة مع الخشية والخوف.
وقوله " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " قول الملائكة وقد خاطبوهم بالأمن والسلام الخالد وعقبى محمودة لا يعتريها ذم وسوء ابدا.
قوله تعالى: " والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه " إلى آخر الآية بيان حال غير المؤمنين بطريق المقابلة وقد قوبل بقوله: " ويفسدون في الأرض " بقية ما ذكر في الآيات السابقة بعد الوفاء بعهد الله والصلة من الأعمال الصالحة وفيه ايماء إلى أن الأعمال الصالحة هي التي تضمن صلاح الأرض وعمارة الدار على نحو يؤدى إلى سعادة النوع الانساني ورشد المجتمع البشرى وقد تقدم بيانه في دليل النبوة العامة.
وقد بين تعالى جزاء عملهم وعاقبة أمرهم بقوله " أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " واللعن الابعاد من الرحمة والطرد من كل كرامة وليس ذلك الا لانكبابهم على الباطل ورفضهم الحق النازل من الله وليس للباطل الا البوار.
قوله تعالى: " الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " إلى آخر الآية بيان ان ما اوتى الفريقان من العاقبة المحمودة والجنة الخالدة ومن اللعنة وسوء الدار هو من الرزق الذي يرزقه الله من يشاء وكيف يشاء من غير حجر عليه أو الزام.
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست