تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٣٥
تعالى: " ذلك بأن الله هو الحق وان ما تدعون من دونه الباطل " وقد يقال ذلك في الاعتبار إلى المقال والفعال يقال بطل بطولا وبطلا بطلانا وابطله غيره قال عز وجل: " وبطل ما كانوا يعملون " وقال " لم تلبسون الحق بالباطل " انتهى موضع الحاجة.
فبطلان الشئ هو ان يقدر للشئ نوع من الوجود ثم إذا طبق على الخارج لم يثبت على ما قدر ولم يطابقه الخارج والحق بخلافه فالحق والباطل يتصف بهما أو لا الاعتقاد ثم غيره بعناية ما.
فالقول نحو السماء فوقنا والأرض تحتنا يكون حقا لمطابقة الواقع إياه إذا فحص عنه وطبق عليه ولقولنا السماء تحتنا والأرض فوقنا كان باطلا لعدم ثباته في الواقع على ما قدر له من الثبات والفعل يكون حقا إذا وقع على ما قدر له من الغاية أو الامر كالاكل للشبع والسعي للرزق وشرب الدواء للصحة مثلا إذا اثر اثره وبلغ غرضه ويكون باطلا إذا لم يقع على ما قدر عليه من الغاية أو الامر والشئ الموجود في الخارج حق من جهة انه موجود كما اعتقد كوجود الحق تعالى والشئ غير الموجود وقد اعتقد له الوجود باطل وكذا لو كان موجودا لكن قدر له من خواص الوجود ما ليس له كتقدير الاستقلال والبقاء للموجود الممكن فالموجود الممكن باطل من جهة عدم الاستقلال أو البقاء المقدر له وان كان حقا من جهة أصل الوجود قال:
الا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل والآية الكريمة من غرر الآيات القرآنية تبحث عن طبيعة الحق والباطل فتصف بدء تكونهما وكيفية ظهورهما والآثار الخاصة بكل منهما وسنة الله سبحانه الجارية في ذلك " ولن تجد لسنة الله تحويلا ولن تجد لسنة الله تبديلا ".
بين تعالى ذلك بمثل ضربه للناس وليس بمثلين كما قاله بعضهم ولا بثلاثة أمثال كما ذكره آخرون كما سنشير إليه إن شاء الله وانما هو مثل واحد ينحل إلى أمثال فقال تعالى:
" انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا " وقوله انزل فعل فاعله هو الله سبحانه لم يذكر لوضوحه وتنكير ماء للدلالة على النوع وهو الماء الخالص الصافي يعنى نفس الماء من غير أن يختلط بشئ أو يشوبه تغير وتنكير اودية
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست