تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٢٥
وهذا هو المراد بقوله مفرعا على السؤال السابق " قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " أي فكيف يملكون لغيرهم ذلك أي إذا كان الله سبحانه هو رب السماوات والأرض فقد قلتم باتخاذكم أولياء آلهة من دونه قولا يكذبه نفسه وهو عدم ولايتهم في عين ولايتهم وهو التناقض الصريح بأنهم أولياء غير أولياء وأرباب لا ربوبية لهم.
وبالتأمل فيما قدمناه ان الآية بمنزلة الفذلكة من سابق البيانات يعود مفاد الآية إلى مثل قولنا إذا تبين ما تقدم فمن رب السماوات والأرض الا الله؟ أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون نفعا ولا ضرا؟ فالعدول عن التفريع إلى أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله قل كذا وقل كذا وتكراره مرة بعد مرة انما هو للتنزه عن خطابهم على ما بهم من قذارة الجهل والعناد وهذا من لطيف نظم القرآن.
قوله تعالى: " قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور " مثلان ضربهما الله سبحانه بعد تمام الحجة واتمامها عليهم وامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يضربهما لهم يبين بأحدهما حال المؤمن والكافر فالكافر بالحجة الحقة والآيات البينات غير المسلم لها أعمى والمؤمن بها بصير فالعاقل لا يسوى بينهما ببديهة عقله ويبين بالثاني ان الكفر بالحق ظلمات كما أن الكافر الواقع فيها غير بصير والايمان بالحق نور كما أن المؤمن الاخذ به بصير ولا يستويان البتة فمن الواجب على المشركين ان كان لهم عقول سليمة كما يدعون ان يسلموا للحق ويرفضوا الباطل ويؤمنوا بالله وحده.
قوله تعالى: " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه إلى قوله وهو الواحد القهار " في التعبير بقوله جعلوا وعليهم دون ان يقال جعلتم وعليكم دليل على أن الكلام مصروف عنهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون ان يؤمر بالقائه إليهم.
ثم العود في جواب هذا الاحتمال الذي يتضمنه قوله: " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم إلى الامر بالقائه إليهم بقوله " قل الله خلق كل شئ وهو الواحد القهار " دليل على أن السؤال انما هو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمطلوب من القاء توحيد الخالق إليهم هو الالقاء الابتدائي لا الالقاء بنحو الجواب وليس الا لانهم لا يقولون بخالق غير الله سبحانه كما قال تعالى: " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله "
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست