لقمان: 25 الزمر: 38 وقد كرر تعالى نقل ذلك عنهم.
فهؤلاء الوثنيون ما كانوا يرون لله سبحانه شريكا في الخلق والايجاد وانما كانوا ينازعون الاسلام في توحيد الربوبية لا في توحيد الألوهية بمعنى الخلق والايجاد وتسليمهم توحيد الخالق المبدع وقصر ذلك على الله يبطل قولهم بالشركاء في الربوبية وتتم الحجة عليهم لان اختصاص الخلق والايجاد بالله سبحانه ينفى استقلال الوجود والعلم والقدرة عن غيره تعالى ولا ربوبية مع انتفاء هذه النعوت الكمالية.
ولذلك لم يبق لهم في القول بربوبية شركائهم مع الله سبحانه الا ان ينكروا توحده تعالى في الخلق والايجاد ويثبتوا بعد الخلق والايجاد لآلهتهم وهم لا يفعلونه وهذا هو الموجب لذكره تعالى هذا الاحتمال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم من دون ان يخاطبهم به أو يأمره ان يخاطبهم.
فكأنه تعالى: " إذ يقول أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم " يقول لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم هؤلاء تمت عليهم الحجة في توحيد الربوبية من جهة اختصاصه تعالى بالخلق والايجاد فلم يبق لهم الا ان يقولوا بشركة شركائهم في الخلق والايجاد فهل هم قائلون بأن شركائهم خلقوا خلقا كخلقه ثم تشابه الخلق عليهم فقالوا بربوبيتهم اجمالا مع الله.
ثم أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يلقى إليهم ما يقطع دابر هذا الاحتمال فقال: " قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار " والجملة صدرها دعوى دليلها ذيلها أي انه تعالى واحد في خالقيته لا شريك له فيها وكيف يكون له فيها شريك وله وحدة يقهر كل عدد وكثرة وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " يوسف: 39 بعض الكلام في معنى كونه تعالى هو الواحد القهار وتبين هناك ان مجموع هاتين الصفتين ينتج صفة الأحدية.
وقد بان مما ذكرناه وجه تغيير السياق في قوله: " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم " والاعراض عن سياق الخطاب السابق فتأمل في ذلك واعلم أن أكثر المفسرين اشتبه عليهم الحال في الحجج التي تقيمها الآيات القرآنية لاثبات ربوبيته تعالى وتوحيده فيها ونفى الشريك عنه فخلطوا بينها وبين ما أقيمت لاثبات الصانع فتنبه لذلك.