تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣١
وفيه: أنه قطع لاتصال السياق ووحدته من غير دليل، وفيه أخذ " إلا " الأولى بمعنى سوى و " إلا " الثانية بمعنى الاستثناء على أنه لا قرينة هناك على تعلق " إلا " الأولى بقوله: " لهم فيها زفير وشهيق "، ولا أن قوله: " عطاء غير مجذوذ " يدل على ما ذكره، فإنه إنما يدل على دوام العطاء لا على جميع أنواع العطاء أو بعضها.
ثم أية فائدة في استثناء بعض أنوا النعيم واظهار ذلك للسامعين والمقام مقام التطميع والتبشير والظرف ظرف الدعوة والترغيب. فهذا من أسخف الوجوه.
وخامسها: أن " إلا " بمعنى الواو وإلا كان الكلام متناقضا والمعنى خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض وما شاء ربك من الزيادة على ذلك.
وفيه: أن كون " إلا " بمعنى الواو لم يثبت، وإنما ذكره الفراء لكنهم ضعفوه.
على أن الوجه مبني على عدم إفادة التقدير والتحديد السابق على الاستثناء في الآيتين الدوام.
وقد عرفت ما فيه.
وسادسها: أن المراد بالذين شقوا من أدخل النار من أهل التوحيد وهم الذين ضموا إلى إيمانهم وطاعتهم ارتكاب معاص توجب دخول النار فأخبر سبحانه أنهم معاقبون في النار إلا ما شاء ربك من إخراجهم منها إلى الجنة، وإيصال ثواب طاعاتهم إليهم.
وأما الاستثناء الذي في أهل الجنة فهو استثناء من خلودهم أيضا لان من ينقل من النار إلى الجنة ويخلد فيها لا بد في الاخبار عنه بتأبيد خلوده من استثناء ما تقدم من حاله فكأنه قال: إنهم في الجنة خالدين فيها إلا ما شاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار.
قالوا: والذين شقوا في هذا القول هم الذين سعدوا بأعيانهم، وإنما أجري عليهم كل من الوصفين في الحال الذي يليق به ذلك فإذا أدخلوا في النار وعوقبوا فيها فهم أهل شقاء، وإذا أدخلوا في الجنة وأثبتوا فيها فهم أهل سعادة، ونسبوا هذا القول إلى ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري من الصحابة وجماعة من التابعين.
وفيه: أنه لا يلائم السياق فإنه تعالى بعد ما ذكر في صفة يوم القيامة أنه يوم مجموع له الناس قسم أهل الجمع إلى قسمين بقوله: " فمنهم شقي وسعيد " ومن المعلوم أن
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست