تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٦
(بحث روائي) في الدر المنثور: أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله سبحانه ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. ثم قرء: " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ".
وفيه: أخرج الترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: لما نزلت: " فمنهم شقي وسعيد " قلت: يا رسول الله فعلا م نعمل، على شئ قد فرغ منه أو على شئ لم يفرغ منه؟ قال:
بل على شئ قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كل ميسر لما خلق له.
أقول: وهذا اللفظ مروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم بطرق متعدده من طرق أهل السنة كما في صحيح البخاري عن عمران بن الحصين قال: قلت: يا رسول الله فيم يعمل العاملون؟
قال: " كل ميسر لما خلق له " وفيه أيضا عن علي كرم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت في الأرض فقال: ما منكم أحد إلا كتب مقعده من الجنة أو من النار.
قالوا: أ لا نتكل؟ قال: اعملوا " فكل ميسر لما خلق له " وقرء: " فأما من أعطى واتقى " الخ.
ولتوضيح ذلك نقول: أنه لا يخفى على ذي مسكة أن كلا من الحوادث الجارية في هذا العالم من أعيان وآثارها ما لم يلبس لباس التحقق والوجود فهو على حد الامكان، وللامكان نسبة إلى الوجود والعدم معا، فالخشبة ما لم تصر رمادا بالاحتراق لها إمكان أن تصير رمادا وأن لا تصير، والمني ما لم يصر إنسانا بالفعل فلها إمكان الانسانية أي إنها تحمل استعداد أن يصير إنسانا إن اجتمع معها بقية أجزاء العلة الموجبة للانسانية واستعداد أن يبطل فيصير شيئا غير الانسان.
وإذا تلبس بلباس الوجود وصار مثلا رمادا بالفعل وإنسانا بالفعل بطل عند ذلك
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست