تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٧
يعلم انقطاعها ثم يزيدهم الله سبحانه على ذلك ويخلدهم ويؤبد مقامهم، وهذا مثل أن يقال: هم خالدون كذا وكذا سنة، ثم يضيف تعالى إلى ذلك ما لا يتناهى من الزمان كما يقال في قوله تعالى: " لابثين فيها أحقابا " النبأ: 23 أي أحقابا ثم يزادون على ذلك.
وفيه: أنه على الظاهر مبني على استفاده بعض المدة من قوله: " ما دامت السماوات والأرض " والبعض الآخر الذي لا يتناهى من قوله: " إلا ما شاء ربك " ودلالته على ذلك تتوقف على تقدير أمور لا دلالة عليه من اللفظ أصلا.
الوجه السادس: أن المراد بالنار والجنة نار البرزخ وجنتها وهما خالدتان ما دامت السماوات والأرض، وإذا انتهت مدة بقاء السماوات والأرض بقيام القيامة خرجوا منها لفصل القضاء في عرصات المحشر.
وفيه: أنه خلاف سياق الآيات فإن الآيات تفتتح بذكر يوم القيامة وتوصيفها بما له من الأوصاف، ومن المستبعد أن يشرع في البيان بذكر أنه يوم مجموع له الناس، وأنه يوم مشهود، وأنه يوم إذا أتى لا تكلم نفس إلا بإذنه حتى إذا أتصل بأخص أوصافه وأوضحها وهو الجزاء بالجنة والنار الخالدتين عدل إلى ذكر ما في البرزخ من الجنة والنار الخالدتين إلى ظهور يوم القيامة المنقطعتين به.
على أن الله سبحانه يذكر عذاب أهل البرزخ بالعرض على النار لا بدخول النار قال تعالى: " وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب " المؤمن: 46.
الوجه السابع: إن المراد بدخول النار الدخول في ولاية الشيطان وبالكون في الجنة الكون في ولاية الله فإن ولاية الله هي التي تظهر جنة في الآخرة يتنعم فيها السعداء.
وولاية الشيطان هي التي تتصور بصورة النار فتعذب المجرمين يوم القيامة كما تفيده الآيات الدالة على تجسم الأعمال.
فالأشقياء بسبب شقائهم يدخلون النار وربما خرجوا منها إن أدركتهم العناية والتوفيق كالكافر يؤمن بعد كفره والمجرم يتوب عن إجرامه، والسعداء يدخلون الجنة بسعادتهم وربما خرجوا منها إن أضلهم الشيطان وأخلدوا إلى الأرض واتبعوا أهواءهم كالمؤمن يرتد كافرا والصالح يعود طالحا.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست