تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٠٥
يحكم بينه وبين النسوة حكما بالقسط فتوصل به إلى قوله ائتوني به استخلصه لنفسي وهذا أحسن تدبير يتصور لما كان يبتغيه من العزة في مصر وبسط العدل والاحسان في الأرض مضافا إلى ما ظهر للملك وملائه في خلال هذه الأحوال من عظيم صبره وعزمه في الأمور وتحمله الأذى في جنب الحق وعلمه الغزير وحكمه القويم.
واما الطعن في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحاشاه ان يقول إنه لو كان مكان يوسف طاش ولم يصبر مع الاعتراف بان الحق كان معه في صبره وهو اعتراف بان من شانه ان لا يصبر فيما يجب الصبر فيه وحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم ان يأمر الناس بشئ وينسى نفسه وقد صبر وتحمل الأذى في جنب الله قبل الهجرة وبعدها من الناس حتى اثنى الله عليه بمثل قوله: " وانك لعلى خلق عظيم ".
وفى الدر المنثور أيضا اخرج الحاكم في تاريخه وابن مردويه والديلمي عن انس قال:
ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرء هذه الآية: " ذلك ليعلم انى لم أخنه بالغيب " قال لما قالها يوسف قال له جبريل يا يوسف أذكر همك قال وما أبرئ نفسي.
أقول وهذا المعنى مروى في عدة روايات بألفاظ متقاربة ففي رواية ابن عباس لما قالها يوسف فغمزه جبريل فقال ولا حين هممت بها؟ وفى رواية عن حكيم بن جابر فقال له جبريل ولا حين حللت السراويل؟ ونحو من ذلك في روايات اخر عن مجاهد وقتادة وعكرمة والضحاك وابن زيد والسدي والحسن وابن جريح وأبى صالح وغيرهم.
وقد تقدم في البيان السابق ان هذه وأمثالها من موضوعات الاخبار مخالفة لنص الكتاب وحاشا مقام يوسف الصديق (ع) ان يكذب بقوله لم أخنه بالغيب ثم يصلح ما أفسده بغمز من جبريل قال في الكشاف ولقد لفقت المبطلة روايات مصنوعة فزعموا أن يوسف حين قال انى لم أخنه بالغيب قال له جبريل ولا حين هممت بها؟
وقالت له امرأة العزيز ولا حين حللت تكة سراويلك يا يوسف؟ وذلك لتهالكهم على بهت الله ورسوله انتهى.
وفي تفسير العياشي عن سماعة قال: سألته عن قول الله " ارجع إلى ربك " الآية يعنى العزيز.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست