تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٠٤
الغوث وروى هذا المعنى أيضا العياشي في تفسيره عن علي بن معمر عن أبيه عن أبي عبد الله (ع).
وقوله أي لا اكذب عليه الان كما كذبت عليه من قبل ظاهر في اخذ قوله " ذلك ليعلم انى لم أخنه بالغيب " إلى آخر الآيتين من كلام امرأة العزيز وقد عرفت الكلام عليه في البيان المتقدم.
وفي الدر المنثور اخرج الفاريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عجبت لصبر اخى يوسف وكرمه والله يغفر له حيث ارسل إليه ليستفتي في الرؤيا وان كنت انا لم افعل حتى اخرج وعجبت من صبره وكرمه والله يغفر له اتى ليخرج فلم يخرج حتى اخبرهم بعذره ولو كنت انا لبادرت الباب ولكنه أحب ان يكون له العذر.
أقول وقد روى هذا المعنى بطرق أخرى ومن طرق أهل البيت (ع) ما في تفسير العياشي عن ابان عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لو كنت بمنزلة يوسف حين ارسل إليه الملك يسأله عنه رؤياه ما حدثته حتى اشترط عليه ان يخرجني من السجن وعجبت لصبره عن شان امرأة الملك (1) حتى أظهر الله عذره.
أقول وهذا النبوي لا يخلو من شئ فان فيه أحد المحذورين اما الطعن في حسن تدبير يوسف (ع) وتوصله إلى الخروج من السجن وقد أحسن التدبير في ذلك فلم يكن يريد مجرد الخروج منه ولا هم لامرأة العزيز ونسوة مصر الا في مراودته عن نفسه والجائه إلى موافقة هواهن وهو القائل " رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " وانما كان يريد الخروج في جو يظهر فيه براءته وتيأس منه امرأة العزيز والنسوة ويوضع في موضع يليق به من المكانة والمنزلة.
ولذا أنبأ وهو في السجن اولا بما هو وظيفة الملك الواجبة اثر رؤياه من جمع الأرزاق العامة وادخارها فتوصل به إلى قول الملك ائتوني به ثم لما أمر باخراجه أبى إلى أن

(1) هي امرأة العزيز دون الملك ولعل اطلاق الملك على بعلها من تسامح بعض رواة الحديث منه.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست