تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٤٣
بالقول ونحوه.
فليس من البعيد ان يكون في التعبير عن قول هذا القائل بمثل وشهد شاهد إشارة إلى كون ذلك كلاما صدر عنه من غير ترو وفكر فيكون شهادة لعدم اعتماده على تفكر وتعقل لا قولا يعبر به عرفا عن البيان الذي يبتنى على ترو وتفكر وبهذا يتأيد ما ورد من الرواية انه كان صبيا في المهد فقد كان ذلك بنوع من الاعجاز أيد الله سبحانه به قول يوسف (ع). قوله تعالى: " فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن ان كيدكن عظيم " أي فلما رأى العزيز قميص يوسف والحال انه مقدود مشقوق من خلف قال إن الامر من كيدكن معاشر النساء ان كيدكن عظيم فمرجع الضمائر معلوم من السياق.
ونسبة الكيد إلى جماعة النساء مع كونه من امرأته للدلالة على أنه انما صدر منها بما انها من النساء وكيدهن معهود معروف ولذا استعظمه وقال ثانيا ان كيدكن عظيم وذلك أن الرجال أوتوا من الميل والانجذاب إليهن ما ليس يخفى وأوتين من أسباب الاستمالة والجلب ما في وسعهن ان يأخذن بمجامع قلوب الرجال ويسخرن أرواحهم بجلوات فتانة وأطوار سحارة تسلب أحلامهم وتصرفهم إلى إرادتهن من حيث لا يشعرون وهو الكيد وإرادة الانسان بالسوء ومفاد الآية ان العزيز لما شاهد ان قميصه مقدود من خلف قضى ليوسف (ع) على امرأته.
قوله تعالى: " يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك انك كنت من الخاطئين " من مقول قول العزيز أي انه بعد ما قضى له عليها أمر يوسف ان يعرض عن الامر وامر امرأته ان تستغفر لذنبها ومن خطيئتها فقوله يوسف: " اعرض عن هذا " يشير إلى ما وقع من الامر ويعزم على يوسف ان يعرض عنه ويفرضه كان لم يكن فلا يحدث به ولا يذيعه ولم يرد في كلامه تعالى ما يدل على أن يوسف (ع) حدث به أحدا وهو الظن به (ع) كما نرى انه لم يظهر حديث المراودة للعزيز حتى اتهمته بسوء القصد فذكر الحق عند ذلك لكن كيف يخفى حديث استمر عهدا ليس بالقصير وقد استولى عليها الوله وسلب منها الغرام كل حلم وحزم ولم تكن المراودة مرة أو مرتين والدليل على ذلك ما سيأتي من قول النسوة امرأة العزيز
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست