تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٤٤
تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا.
وقوله واستغفري لذنبك انك كنت من الخاطئين يقرر لها الذنب ويأمرها ان تستغفر ربها لذلك الذنب لأنها كانت بذلك من أهل الخطيئة ولذلك قيل من الخاطئين ولم يقل من الخاطئات.
وهذا كله من كلام العزيز على ما يعطيه السياق لا من كلام الشاهد لأنه قضاء وحكم والقضاء العزيز لا للشاهد.
ومن الخطأ قول بعضهم ان معنى واستغفري لذنبك سلى زوجك ان لا يعاقبك على ذنبك انتهى بناء على أن الجملة من كلام الشاهد لا من كلام العزيز وكذا قول آخر معناه استغفري الله من ذنبك وتوبى إليه فان الذنب كان منك لا من يوسف فإنهم كانوا يعبدون الله تعالى مع عبادة الأصنام انتهى.
وذلك أن الوثنيين يقرون بالله سبحانه في خالقيته لكنهم لا يعبدون الا الالهة والأرباب من دون الله سبحانه وقد تقدم الكلام في ذلك في الجزء السابق من الكتاب على أن الآية لا تشتمل الا على قوله واستغفري من دون ان يذكر المتعلق وهو ربها المعبود لها في مذهبها.
وربما قيل إن الآية تدل على أن العزيز كان فاقدا للغيرة والحق ان الذي تدل عليه انه كان شديد الحب لامرأته ان قوله تعالى: " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا انا لنراها في ضلال مبين " قصة نسوة مصر مع يوسف في بيت العزيز تتضمنها الآية إلى تمام ست آيات.
والذي يعطيه التدبر فيها بما ينضم إليها من قرائن الأحوال وما يستوجبه طبع القصة انه لما كان من أمر يوسف والعزيزة ما كان شاع الخبر في المدينة تدريجا وصارت النساء وهن سيدات المدينة يتحدثن به في مجامعهن ومحافلهن فيما بينهن ويعيرن بذلك عزيزة مصر ويعبنها انها تولهت إلى فتاها وافتتنت به وقد أحاط بها حبا فظلت تراوده عن نفسه وضلت به ضلالا مبينا.
(١٤٤)
مفاتيح البحث: العزّة (6)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست