من الوراء فقدته ولم ينقد الا لأنه كان في حال الهرب مبتعدا منها والا لم ينشق طولا.
وقوله: " وألفيا سيدها لدى الباب " الالفاء الوجدان يقال الفيته كذا أي وجدت والمراد بسيدها زوجها قيل إنه جرى على عرف مصر وقد كانت النساء بمصر يلقبن زوجهن بالسيد وهو مستمر إلى هذا الزمان.
قوله تعالى: " قالت ما جزاء من أراد باهلك سوء الا ان يسجن أو عذاب اليم " لما ألفيا سيدها لدى الباب انقلب مجلس المراودة إلى موقف التحقيق وانما أوجد هذا الموقف وجود العزيز لدى الباب وحضورهما والهيئة هذه الهيئة عنده ويتكفل ما جرى في هذا الموقف قوله: " وألفيا سيدها لدى الباب " إلى تمام خمس آيات. فبدأت امرأة العزيز تشكو يوسف إليه وتسأله ان يجازيه فذكرت انه أراد بها سوء وعليه ان يسجنه أو يعذبه عذابا اليما لكنها لم تصرح بذلك ولا بشئ من أطراف الواقعة بل كنت وأتت بحكم عام عقلائي يتضمن مجازاة من قصد ذوات البعل بالفحشاء فقالت " ما جزاء من أراد باهلك سوء الا ان يسجن أو عذاب اليم " فلم يصرح باسم يوسف وهو المريد ولا باسم نفسها وهى الاهل ولا باسم السوء وهو الزنا بذات البعل كل ذلك تأدبا في حضرة العزيز وتقديسا لساحته.
ولم يتعين الجزاء بل رددته بين السجن والعذاب الأليم لان قلبها الواله إليه الملئ بحبه ما كان يساعدها على التعيين فان في الابهام نوعا من الفرج الا ان في تعبيرها بقولها " باهلك " نوعا من التحريض عليه وتهييجه على مؤاخذته ولم يكن ذلك الا كيدا منها للعزيز بالتظاهر بالوجد والاسى لئلا يتفطن بواقع الامر فيؤاخذها أما إذا صرفته عن نفسها المجرمة فان صرفه عن مؤاخذة يوسف (ع) لم يكن صعبا عليها تلك الصعوبة.
قوله تعالى: " قال هي راودتني عن نفسي " لم يبدأ يوسف (ع) بالقول أدبا مع العزيز وصونا لها ان يرميها بالجرم لكن لما اتهمته بقصدها بالسوء لم ير بدا دون ان يصرح بالحق فقال هي راودتني عن نفسي وفي الكلام دلالة على القصر وهى من قصر القلب أي لم أردها بالسوء بل هي التي أرادت ذلك فراودتني عن نفسي.
وفي كلامه هذا وهو خال عن اقسام التأكيد كالقسم ونحوه دلالة على سكون