على هذا القياس ولا موجب لتأويل ما ورد في الكلام مما ظاهره ذلك 6 - ومن الأقوال في الآية ما ذكروا انها أول ما همت به في منامها وهم بها لأنه رآها في منامه فعند ذلك علم أنها له فلذلك هم بها اورده الغزالي في تفسيره قال وهذا وجه حسن لان الأنبياء كانوا معصومين لا يقصدون المعاصي انتهى.
والجواب انه ان أريد به ان قوله وهم بها حكاية ما رآه يوسف (ع) في المنام فهو تحكم لا دليل عليه من جهة اللفظ البتة وان أريد به انه (ع) رآها في المنام وهم بها فيه واعتقد من هناك انها له وخاصة بناء على أن رؤيا الأنبياء وحي ثم هم بها في اليقظة في مجلس المراودة بالمضي على اعتقاده فيها فأدركته رؤية برهان من ربه يبين له انه قد أخطأ في زعمه ففيه اثبات خطأ الأنبياء في تلقى الوحي وليس ذلك بأقل محذورا من تجويز اقدامهم على المعاصي.
على أن الآية السابقة وقد عد فيها المخالطة ظلما لا يفلح صاحبه واستعاذ بالله منه تناقض ذلك فكيف يزعم أنها له وهو يعده ظلما ويستعيذ منه بالله سبحانه؟
فهذه عمدة الأقوال في الآية وهى مع ما قدمناه اولا ترتقى إلى سبعة أو ثمانية وقد علمت أن معنى رؤية البرهان يختلف بحسب اختلاف الأقوال فمن قائل انه سبب يقيني شاهده يوسف (ع) ومن قائل انه الآيات والأمور التي ظهرت له فردعته عن اقتراف الخطيئة ومن قائل انه العلم بحرمة الزنا وعذابه ومن قائل انه ملكة العفة ومن قائل انه العصمة والطهارة وقد عرفت ما هو الحق منها وسنعود إليه في كلام خاص به بعد تمام البحث عن الآيات إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر " الاستباق هو التسابق وقد تقدم والقد والقط هو الشق الا ان القد هو الشق طولا والقط هو الشق عرضا والدبر والقبل كالخلف والامام.
والسياق يعطى ان استباقها كان لغرضين مختلفين فكان يوسف (ع) يريد ان يفتحه ويتخلص منها بالخروج من البيت وامرأة العزيز كانت تريد ان تسبقه إليه فتمنعه من الفتح والخروج لعلها تفوز بما تريده منه وان يوسف سبقها إلى الباب فاجتذبته من قميصه