تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٣٢
وجلس منها مجلس الرجل من المرأة فأتته لصرفه آية بعد آية فلم ينصرف وازدجر بنداء بعد نداء من كل جانب فلم يستحى ولم يكف حتى ضرب في صدره ضربة خرجت بها شهوته من رؤس أصابعه وشاهد ثعبانا أعظم ما يكون من عن يمينه فذعر منه وهرب من هول ما رأى فمثله احرى به ان لا يسمى انسانا فضلا ان يتكئ على أريكة النبوة والرسالة ويأتمنه الله على وحيه ويسلم إليه مفاتيح دينه ويؤتيه حكمه وعلمه ويلحقه بمثل إبراهيم الخليل لكن هؤلاء المتعلقين بهذه الأقاويل المختلفة والإسرائيليات والآثار الموضوعة إذ يتهمون جده إبراهيم (ع) في زوجته سارة لا يبالون ان يتهموا نجله (ع) في زوجة غيره.
قال في الكشاف وقد فسر هم يوسف بأنه حل الهميان وجلس منها مجلس المجامع وبأنه حل تكة سراويله وقعد بين شعبها الأربع وهى مستلقية على قفاها وفسر البرهان بأنه سمع صوتا إياك وإياها فلم يكترث له فسمعه ثانيا فلم يعمل به فسمع ثالثا اعرض عنها فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عاضا على أنملته وقيل ضرب بيده في صدره فخرجت شهوته من أنامله.
وقيل كل ولد يعقوب له اثنا عشر ولدا الا يوسف فإنه ولد له أحد عشر ولدا من اجل ما نقص من شهوته حين هم وقيل صيح به يا يوسف لا تكن كالطائر كان له ريش فلما زنى قعد لا ريش له وقيل بدت كف فيما بينهما ليس لها عضد ولا معصم مكتوب فيها " وان عليكم لحافظين كراما كاتبين " فلم ينصرف ثم رأى فيها " ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا " فلم ينته ثم رأى فيها " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " فلم ينجع فيه فقال الله لجبرئيل أدرك عبدي قبل ان يصيب الخطيئة فانحط جبريل وهو يقول يا يوسف أتعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء؟
وقيل رأى تمثال العزيز وقيل قامت المرأة إلى صنم كان هناك فسترته وقالت استحيى منه ان يرانا فقال يوسف استحييت ممن لا يسمع ولا يبصر ولا استحيي من السميع البصير العليم بذات الصدور؟
وهذا ونحوه مما يورده أهل الحشو والجبر الذين دينهم بهت الله تعالى وأنبيائه وأهل العدل والتوحيد ليسوا من مقالاتهم ورواياتهم بحمد الله بسبيل.
ولو وجدت من يوسف (ع) أدنى زلة لنعيت عليه وذكرت توبته واستغفاره كما
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست