تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٣٨
لما شاهد ذلك استعد للدفاع عن نفسه وضربها ان مستها بسوء غير أن ضربه إياها ومقاومته لدفعها لما كان ربما يتهمه في أنه راودها عن نفسها ودعاها إلى الفحشاء أراه الله سبحانه بفضله برهانا فهم منه ذلك وألهم ان يختار للدفاع عن نفسه سبيل الفرار فقصد باب البيت ليفتحه ويخرج من عندها فعقبته فاستبقا الباب.
ولا مساغ لحمل الهم على الهم بالمخالطة اما في قوله ولقد همت به فلان الهم لا يكون الا بفعل للهام والوقاع ليس من أفعال المرأة فتهم به وانما نصيبها منه قبولها لمن يطلبه منها بتمكينه منه هذا اولا.
على أن يوسف لم يطلب من امرأة العزيز هذا الفعل فيسمى قبولها لطلبه ورضاها بتمكينه منه هما لها فان نصوص الآيات قبل هذه الآية وبعدها تبرئه من ذلك بل من وسائله ومقدماته أيضا وهذا ثانيا.
على أن ذلك لو وقع لكان الواجب في التعبير عنه ان يقال ولقد هم بها وهمت به لان الأول هو المقدم في الطبع والوضع وهو الهم الحقيقي والهم الثاني متوقف عليه لا يتحقق بدونه وهذا ثالثا.
على أنه قد علم من القصة ان هذه المراة كانت عازمة على ما طلبته طلبا جازما مصرة عليه ليس عندها أدنى تردد فيه ولا مانع منه يعارض المقتضى له فاذن لا يصح ان يقال انها همت به مطلقا حتى لو فرض جدلا انه كان قبولا لطلبه ومواتاة له إذ الهم مقاربة الفعل المتردد فيه واما الهم بمعنى قصدها له بالضرب تأديبا فيصح ذلك فيه بأهون تقدير وهذا رابعا انتهى ملخصا مما اورده صاحب المنار في تفسيره.
والجواب انه يشارك القول السابق في معنى همه بها فيرد عليه ما أوردناه على سابقه واما ما يختص به ان المراد بهمها به قصدها إياه بضرب ونحوه فمما لا دليل عليه أصلا واما مجرد اتفاق ذلك في بعض نظائر القصة فليس يوجب حمل الكلام عليه من غير قرينة تدل على ذلك.
واما ما ذكره في استبعاد ان يراد من قوله ولقد همت به الهم على المخالطة أو عدم صحته فوجوه سخيفة جدا فان من المعلوم ان هذه المخالطة تتألف عادة من حركات وسكنات شأن المرأة فيها الفعل دون الانفعال والعمل دون القبول فلو همت به
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست