تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٣٩
بضم أو ما يناظره ليلتهب بذلك ما خمدت من نار غريزته الكامنة وتلجئه إلى اجابتها فيما تريده منه صح ان يقال انها همت به أي بمخالطته وليس من الواجب ان يفسر همها به بقصدها خصوص ما هي قابلة له حتى لا يصح به اطلاق الهم عليه.
واما ما ذكره أخيرا انها كانت جازمة غير مترددة فلا يصح ان يراد بهمها الهم على ما تريده من المخالطة ففيه انها انما كانت جازمة في ارادتها منه وعزيمتها عليه واما في تحقق الفعل ووقوعه على ما قدرته فلا كيف؟ وقد شاهدت من يوسف الامتناع والاباء عن مراودتها وانما همت به لما قابلها بالاستنكاف ولا جزم لها مع ذلك بإجابته لها ومطاوعته لما ارادته منه وهو ظاهر.
5 - ومن الأقوال في الآية حمل الكلام على التقديم والتأخير ويكون التقدير ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها ولما رأى برهان ربه لم يهم بها ويجرى ذلك مجرى قولهم قد كنت هلكت لولا انى تداركتك وقد كنت قتلت لولا انى خلصتك والمعنى لولا تداركي لهلكت ولو تخليصي لقتلت وان كان لم يقع هلاك وقتل ومثله قول الشاعر فلا تدعني قومي ليوم كريهة * لئن لم أعجل ضربة أو أعجل وفى القرآن الكريم ان كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها " نسبه في المجمع إلى أبى مسلم المفسر.
والجواب انه ان كان المراد به ما ربما يقوله المفسرون ان في القرآن تقديما وتأخيرا فإنما ذلك فيما يكون هناك جمل متعددة بعضها متقدمة على بعضها بالطبع فأهمل النظم واكتفى بمجرد العد من غير ترتيب لعناية تعلقت به كما قيل في قوله تعالى: " وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " هود: 71 انه من التقديم والتأخير وان التقدير فبشرناها فضحكت واما قوله: " وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " فالمعنى يختلف فيه بالتقديم والتأخير فهو إذا قدم كان هما مطلقا من غير تقييد لعدم جواز كونه جوابا للولا مقدما عليها على ما ذكروه وإذا اخر كان هما مقيدا بالشرط.
وان كان المراد انه جواب للولا مقدم عليها فالنحاة لا يجوزونه قياسا على أن الشرطية ويؤولون ما سمع من ذلك اللهم الا ان يكون ذلك خلافا منه لهم لعدم الدليل
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست