تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٤٨
قولهن في شيوع الفضيحة.
وامرأة العزيز هي التي كان يوسف في بيتها وقد راودته عن نفسه والعزيز معناه معروف وقد كان يلقب به السيد الذي اشترى يوسف من السيارة وكان يلقب به الرؤساء بمصر كما لقب به يوسف بعد ما جعل على خزائن الأرض.
وفى قوله تراود دلالة على الاستمرار وهو أفحش المراودة والفتى الغلام الشاب والمرأة فتاة وقد شاع تسمية العبد فتى وكأنه بهذه العناية أضيف إلى ضميرها فقيل فتاها.
وفى المفردات شغفها حبا أي أصاب شغاف قلبها أي باطنه عن الحسن وقيل وسطه عن أبي علي وهما يتقاربان انتهى وشغاف القلب غلافه المحيط به.
والمعنى وقال عدة من نساء المدينة لا يخلو قولهن من اثر فيها وفي حقها امرأة تستمر في مراودة عبدها عن نفسه ولا يحرى بها ذلك لأنها مرأة ومن القحة ان تراود المرأة الرجل بل ذاك ان كان من طبع الرجال وانها امرأة العزيز فهى عزيزة مصر فمن الواجب الذي لا معدل عنه ان تراعى شرف بيتها وعزة زوجها ومكانة نفسها وان الذي علقت به عبدها ومن الشنيع ان يتوله مثلها وهى عزيزة مصر بعبد عبراني من جملة عبيده وانها أحبته وتعدت ذلك إلى مراودته فامتنع من اجابتها فلم تنته حتى الحت واستمرت على مراودته وذلك أقبح واشنع وامعن في الضلال.
ولذلك عقبن قولهن امرأة العزيز تراود الخ بقولهن: " انا لنراها في ضلال مبين ".
قوله تعالى: " فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا " قال في المجمع المكر هو الفتل بالحيلة على ما يراد من الطلبة انتهى وتسمية هذا القول منهن مكرا بامرأة العزيز لما فيه من فضاحتها وهتك سترها من ناحية رقيباتها حسدا وبغيا وانما أرسلت إليهن لتريهن يوسف وتبتليهن بما ابتليت به نفسها فيكففن عن لومها ويعذرنها في حبه.
وعلى هذا انما سمى قولهن مكرا ونسب السمع إليه لأنه صدر منهن حسدا وبغيا لغاية
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست