وقد وصفه الله تعالى بكل وصف جميل دخيل في التحدي كوصفه بأنه نور ورحمة وهدى وحكمة وموعظة وبرهان وتبيان لكل شئ وتفصيل الكتاب وشفاء للمؤمنين وقول فصل وما هو بالهزل، وأنه مواقع للنجوم، وأنه لا اختلاف فيه ولم يصرح ببلاغته بعينها.
وأطلق القول بأنهم لا يأتون بمثله ولو دعوا من استطاعوا من دون الله، ولو اجتمع على ذلك الجن والإنس وكان بعضهم لبعض ظهيرا ولم يقيد الكلام بالبلاغة والفصاحة.
وقد فصلنا القول في إعجاز القرآن في تفسير قوله: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله) البقرة: 23 في الجزء الأول من الكتاب.
قوله تعالى: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) إلى آخر الآية.
الآية تبين وجه الحقيقة في عدم إيمانهم به وقولهم إنه افتراء وهو أنهم كذبوا من القرآن بما لم يحيطوا بعلمه أو كذبوا بالقرآن الذي لم يحيطوا بعلمه ففيه معارف حقيقية من قبيل العلوم الواقعية لا يسعها علمهم، ولم يأتهم تأويله بعد أي تأويل ذاك الذي كذبوا به حتى يضطرهم إلى تصديقه.
هذا ما يقتضيه السياق من المعنى فقوله: (ولما يأتهم تأويله) يشير إلى يوم القيامة كما يؤيده قوله تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل) الأعراف: 53.
وهذا يؤيد ما قدمناه في تفسير قوله: (ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) آل عمران: 7 في الجزء الثالث من الكتاب أن المراد بالتأويل في عرف القرآن هو الحقيقة التي يعتمد عليها معنى من المعاني من حكم أو معرفة أو قصة أو غير ذلك من الحقائق الواقعية من غير أن يكون من قبيل المعنى، وأن لجميع القرآن وما يتضمنه من معرفة أو حكم أو خبر أو غير ذلك تأويلا.
ويؤيد ذلك أيضا قوله بعد: (كذلك كذب الذين من قبلهم) فإن التشبيه