يديه مع تقدمهما لان هناك كتابا غير الكتابين ككتاب نوح وكتاب إبراهيم عليهما السلام فإذا لوحظ تقدم جميعها عليه كان الأقرب منها زمانا إليه وهو التوراة والإنجيل موصوفا بأنه بين يديه.
وربما قيل: إن المراد بما بين يديه هو ما يستقبل نزوله من الأمور كالبعث والنشور والحساب والجزاء، وليس بشئ.
وقوله: (وتفصيل الكتاب) عطف على (تصديق) والمراد بالكتاب بدلالة من السياق جنس الكتاب السماوي النازل من عند الله سبحانه على أنبيائه، والتفصيل إيجاد الفصل بين أجزائها المندمجة بعضها في بعض المنطوية جانب منها في آخر بالايضاح والشرح.
وفيه دلالة على أن الدين الإلهي المنزل على أنبيائه عليهم السلام واحد لا اختلاف فيه إلا بالاجمال والتفصيل، والقرآن يفصل ما أجمله غيره كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الاسلام) آل عمران: 19.
وأن القرآن الكريم مفصل لما أجمله الكتب السماوية السابقة مهيمن عليها جميعا كما قال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) المائدة: 48. وقوله: (لا ريب فيه من رب العالمين) أي لا ريب فيه هو من رب العالمين، والجملة الثانية كالتعليل للأولى.
قوله تعالى: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله) إلى آخر الآية، أم منقطعة والمعنى بل يقولون افتراه، والضمير للقرآن، واتصاف السورة بكونها مثل القرآن شاهد على أن القرآن يصدق على الكثير منه والقليل.
والمعنى قل للذين يقولون افتراه: إن كنتم صادقين في دعواكم فأتوا بسورة مثل هذا القرآن المفترى وادعوا كل من استطعتم من دون الله مستمدين مستظهرين فإنه لو كان كلاما مفترى كان كلاما بشريا وجاز ان يؤتى بمثله وفي ذلك تحد ظاهر بسورة واحدة من سور القرآن طويلة كانت أو قصيرة.
ومن هنا يظهر أولا: أن التحدي ليس بسورة معينة فإنهم لم يرموا بالافتراء