يدل على أن الله سبحانه رب كل شئ وحده، فهى تخاطبهم بأنكم تعترفون بأن ما يخصكم من التدبير كرزقكم وما يعمكم وغيركم منه ينتهى إلى الله سبحانه فهو المدبر لامركم وأمر غيركم فهو الرب لا رب سواه.
وقد بدأت في التعداد بما يخص الانسان أعني قوله: (قل من يرزقكم من السماء والأرض) وختمت بما يعمه وغيره أعني قوله: (ومن يدبر الامر) وظاهر السياق أن يكون المراد بقوله: (أمن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت) هو التدبير الخاص بالانسان فيكون المراد ملك السمع والابصار التي لافراد الانسان، وكذا اخراج الحي من الانسان من ميته وبالعكس، وقد تبين ان الحياة المخصوصة بالانسان هو كونه ذا نعمة العقل والدين.
فالمراد باخراج الحي من الميت وبالعكس - والله أعلم - اخراج الانسان الحي بالسعادة الانسانية من الانسان الميت الذي لا سعادة له وبالعكس.
فالله سبحانه يلقن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم الحجة على توحيده بالربوبية فأمره بقوله:
(قل) ان يقول لهم في سياق الاستفهام (من يرزقكم من السماء والأرض) بالأمطار والانبات والتكوين (أمن يملك السمع والابصار) منكم فتتم بهما فائدة رزقكم حيث ترتزقون بتشخيصهما من طيبات الرزق، ولولاهما لم توفقوا لذلك وفنيتم عن آخركم (ومن يخرج الحي من الميت) أي كل أمر مفيد في بابه من غيره (ويخرج الميت من الحي) فيتولد الانسان السعيد من الشقى والشقى من السعيد (ومن بر الامر) في جميع الخليقة.
(فسيقولون الله) اعترافا بأنه الذي ينتهى إليه جميع هذه التدبيرات في الانسان وغيره لان الوثنيين يعتقدون ذلك فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يوبخهم اولا على ترك تقوى الله بعبادة غيره مع ظهور الحجة ثم يستنتج لهم من الحجة وجوب توحيده تعالى فقال: (فقل أفلا تتقون) ثم قال: (فذلكم الله ربكم).
قوله تعالى: (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) الجملة الأولى نتيجة الحجة السابقة، وقد وصف الرب بالحق ليكون توضيحا لمفاد الحجة، وتوطئة وتمهيدا لقوله بعده: (فما ذا بعد الحق إلا الضلال).