إلا برفعه، غير سديد. فإنهم ما كانوا يريدون أن يأتيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا القرآن وغيره معا قطعا.
وكذا ما ذكره بعضهم أن قولهم: (ائت بقرآن غير هذا أو بدله) إنما أرادوا به أن يمتحنوه بذلك فيغروه حتى إذا أجابهم إلى ذلك كان ذلك نقضا منه لدعوى نفسه أنه كلام الله، وذلك أنهم لما سمعوا ما بلغهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من آيات القرآن وتلاه عليهم وتحداهم بالاتيان بمثله وعجزوا عن الاتيان بمثله، وكانوا في ريب من كونه كلام الله، وفي ريب من كونه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه ولم يكن يفوقهم في الفصاحة والبلاغة والعلم، بل كانوا يرونه دون كبار فصحائهم ومصاقع خطبائهم أرادوا أن يمتحنوه بهذا القول حتى إذا أتاهم بما سألوه كان ذلك ناقضا لأصل دعواه انه كلام الله.
وكان قصارى أمره أنه امتاز عليهم بهذا النوع من البيان لقوة نفسية فيه كانت خفية عليهم كأسباب السحر لا بوحي. هذا.
وفيه مضافا إلى مناقضة آخره أوله أنه مدفوع بما يلقنه الله سبحانه من الحجة فإن السؤال الذي لم يصدر إلا بداعي الامتحان والاختبار من غير داع جدي لا معنى للجواب عنه بالاثبات الجدي بحجة جدية وهو ظاهر.
وفي قوله: (وإذا تتلى عليهم آياتنا) التفات من الخطاب إلى الغيبة، والظاهر أن النكتة فيه أن يكون توطئه إلى إلقاء الامر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (قل ما يكون لي أن أبدله) الخ، فان ذلك لا يتم إلا بصرف الخطاب عنهم وتوجيهه إليه صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلى) إلى آخر الآية التلقاء، بكسر التاء مصدر كاللقاء نظير التبيان والبيان ويستعمل ظرفا.
والله سبحانه على ما أجاب عن مقترحهم بقولهم: (ائت بقرآن غير هذا أو بدله) في أثناء كلامه بقوله (بينات) فإن الآيات إذا كانت بينات ظاهرة الاستناد إلى الله سبحانه كشفت كشفا قطعيا عما يريده الله سبحانه منهم من رفض الأصنام والاجتناب من كل ما لا يرتضيه بما أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من تفصيل دينه، رد