سؤالهم إليهم تفصيلا بتلقين نبيه صلى الله عليه وآله وسلم الحجة في ذلك بقوله: (قل ما يكون لي) إلى آخر الآيات الثلاث.
فقوله: (قل ما يكون لي أن أبدله) الخ، جواب عن قولهم: (أو بدله) ومعناه: قل لا أملك - وليس لي بحق - أن أبدله من عند نفسي لأنه ليس بكلامي وإنما هو وحى إلهي أمرني ربى أن أتبعه ولا أتبع غيره، وإنما لا أخالف أمر ربى لأني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم وهو يوم لقائه.
فقوله: (ما يكون لي أن أبدله) نفى الحق وسلب الخيرة، وقوله: (إن أتبع إلا ما يوحى إلى) في مقام التعليل بالنسبة إلى قوله: (ما يكون لي) وقوله: (إني أخاف إن عصيت ربى) الخ، في مقام التعليل بالنسبة إلى قوله: (إن أتبع) الخ، بما يلوح منه أنه مما تعلق به الامر الإلهي.
وفي قوله: (إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) نوع محاذاة لما في صدر الكلام من قوله: (قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن) الخ فإن الاتيان بالوصف للاشعار بأن الباعث لهم أن يقولوا ما قالوا إنما هو إنكارهم للمعاد وعدم رجائهم لقاء الله فقابلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من ربه بقوله: (إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) فيؤول المعنى إلى أنكم تسألون ما تسألون لأنكم لا ترجون لقاء الله لكنني لا أشك فيه فلا يمكننى إجابتكم إليه لأني أخاف عذاب يوم اللقاء، وهو يوم عظيم.
وفي تبديل يوم اللقاء بيوم عظيم فائدة الانذار مضافا إلى أن العذاب لا يناسب اللقاء تلك المناسبة.
قوله تعالى: (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون) أدراكم به أي أعلمكم الله به، والعمر بضمتين أو بالفتح فالسكون هو البقاء، وإذا استعمل في القسم كقولهم: لعمري ولعمرك تعين الفتح.
وهذه الآية تتضمن رد الشق الأول من سؤالهم وهو قولهم: (ائت بقرآن غير هذا) ومعناها على ما يساعد عليه السياق: أن الامر فيه إلى مشية الله لا إلى