تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٣٠
ودلالة لفظها عليه، وكذا الوجه السابق عليه بالنظر إلى السياق.
قوله تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) إلى آخر الآية، الكلام: موجه نحو عبدة الأصنام من المشركين وإن كان ربما شمل غيرهم كأهل الكتاب بحسب سعة معناه، وذلك لمكان (ما) وكون السورة مكية من أوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من القرآن.
وقد كانت عبدة الأصنام يعبدون الأصنام ليتقربوا بعبادتها إلى أربابها وبأربابها إلى رب الأرباب وهو الله سبحانه، ويقولون: (إننا على ما بنا من ألواث البشرية المادية وقذارات الذنوب والاثام لا سبيل لنا إلى رب الأرباب لطهارة ساحته وقدسها ولا نسبة بيننا وبينه.
فمن الواجب أن نتقرب إليه بأحب خلائقه إليه وهم أرباب الأصنام الذين فوض الله إليهم أمر تدبير خلقه، ونتقرب إليهم بأصنامهم وتماثيلهم وإنما نعبد الأصنام لتكون شفعاء لنا عند الله لتجلب إلينا الخير وتدفع عنا الشر فتقع العبادة للأصنام حقيقة، والشفاعة لأربابها وربما نسبت إليها.
وقد وضع في الكلام قوله: (ما لا يضرهم ولا ينفعهم) موضع الأصنام للتلويح إلى موضع خطأهم في مزعمتهم، وهو أن هذا السعي إنما كان ينجح منهم لو كانت هذه الأصنام ضارة نافعة في الأمور وكانت ذوات شعور بالعبادة والتقرب حتى ترضى عن عبادها بعبادتهم لها فتشفع أو يشفع أربابها لهم عند الله إن كان الله يرتضى شفاعتهم وهؤلاء أجسام ميتة لا تشعر بشئ ولا تضر ولا تنفع شيئا.
وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يحتج على بطلان دعواهم الشفاعة - مضافا إلى ما يلوح إليه قوله: (لا يضرهم ولا ينفعهم) - بقوله: (قل أتنبؤون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) ومحصله أن الله سبحانه لا علم له بهذه الشفعاء في شئ من السماوات والأرض فدعواكم هذه إخبار منكم إياه بما لا يعلم، وهو من أقبح الافتراء وأشنع المكابرة، وكيف يكون في الوجود شئ لا يعلم به الله وهو يعلم ما في السماوات والأرض؟
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378