مشيتي فإنما أنا رسول ولو شاء الله أن ينزل قرآنا غير هذا ولم يشأ هذا القرآن ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فإني مكثت فيكم عمرا من قبل نزول القرآن وعشت بينكم وعاشرتكم وعاشرتموني وخالطتكم وخالطتموني فوجدتموني لا خبر عندي من وحى القرآن، ولو كان ذلك إلى وبيدي لبادرت إليه قبل ذلك، وبدت من ذلك آثار ولاحت لوائحه، فليس إلى من الامر شئ، وإنما الامر في ذلك إلى مشية الله وقد تعلقت مشيته بهذا القرآن لا غيره أفلا تعقلون؟
قوله تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته انه لا يفلح المجرمون) استفهام إنكاري أي لا أحد أظلم وأشد إجراما من هذين الفريقين:
المفترى على الله كذبا، والمكذب بآياته فان الظلم يعظم بعظمة من يتعلق به وإذا اختص بجنب الله كان أشد الظلم.
وظاهر سياق الاحتجاج في الآيتين أن هذه الآية من تمامها والمعنى: لا أجيبكم إلى ما اقترحتم على من الاتيان بقرآن غير هذا أو تبديله فإن ذلك ليس إلى ولا لي حق فيه، ولو أجبتكم إليه لكنت أظلم الناس وأشدهم إجراما ولا يفلح المجرمون فإني لو بدلت القرآن وغيرت بعض مواضعه مما لا ترتضونه لكنت مفتريا على الله كذبا ولا أظلم منه، ولو تركت هذا القرآن وجئتكم بغيره مما ترتضونه لكنت مكذبا لايات الله، ولا أظلم منه.
وربما احتمل كون الاستفهام الانكاري بشقيه تعريضا للمشركين أي أنتم أظلم الناس بإثباتكم لله شركاء وهو افتراء الكذب على الله وبتكذيبكم بنبوتي والآيات النازلة على وهو تكذيب بآيات الله ولا يفلح المجرمون.
وذكر بعضهم أن الأول من شقى الترديد للنبي على تقدير إجابتهم والثاني للمشركين، أي لا أحد أظلم عند الله من هذين الفريقين: المفترين على الله والمكذبين بآياته، وأنا أنعى عليكم الثاني منهما فكيف أرضى لنفسي بالأول وهو شر منه؟
وأي فائدة لي من هذا الاجرام العظيم وأنا أريد الاصلاح.
والذي ذكره من المعنى لا بأس به في نفسه لكن الشأن في استفادته من الآية