ربى) إلى أن معه بينة من الله وآية معجزة تدل على صدقه في دعواه.
ومن هنا يظهر أن المراد بالبينة الآية المعجزة التي تدل على ثبوت الرسالة لان ذلك هو الذي يعطيه السياق فلا يعبأ بما ذكره بعض المفسرين أن المراد بالبينة في الآية العلم الضروري الذي يعلم به النبي أنه نبي وذلك لكونه معنى أجنبيا عن السياق.
وقوله: (وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم) الظاهر أنه عليه السلام يشير به إلى ما آتاه الله تعالى من الكتاب والعلم، وقد تكرر في القرآن الكريم تسمية الكتاب وكذا تسمية العلم بالله وآياته رحمة قال تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) هود: 17، وقال: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة) النحل: 89، وقال: (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا) الكهف: 65، وقال: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة) آل عمران: 8.
وأما قوله: (فعميت عليكم) فالظاهر أن ضميره راجع إلى الرحمة، والمراد أن ما عندي من العلم والمعرفة أخفاها عليكم جهلكم وكراهتكم للحق بعد ما ذكرتكم به وبثثته فيكم.
وقوله: (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) الالزام جعل الشئ مع الشئ بحيث لا يفارقه ولا ينفك منه، والمراد بإلزامهم الرحمة وهم لها كارهون إجبارهم على الايمان بالله وآياته والتلبس بما يستدعيه المعارف الإلهية من النور والبصيرة.
ومعنى الآية - والله أعلم - أخبروني إن كانت عندي آية معجزة تصدق رسالتي مع كونى بشرا مثلكم وكانت عندي ما تحتاج إليه الرسالة من كتاب وعلم يهديكم الحق لكن لم يلبث دون ان أخفاه عليكم عنادكم واستكباركم أيجب علينا عندئذ ان نجبركم عليها؟ أي عندي جميع ما يحتاج إليه رسول من الله في رسالته وقد أوقفتكم عليه لكنكم لا تؤمنون به طغيانا واستكبارا وليس على أن أجبركم عليها، إذ لا إجبار في دين الله سبحانه.
ففي الكلام تعريض لهم أنه قد تمت عليهم الحجة وبانت لهم الحقيقة فلم يؤمنوا