والرأي أيضا ما يراه الانسان في الامر وجمعه آراء. انتهى.
وقال في المفردات: وقوله: (بادئ الرأي) أي ما يبدء من الرأي وهو الرأي الفطير، وقرئ: بادي بغير همزة أي الذي يظهر من الرأي ولم يترو فيه. انتهى.
وقوله: (بادئ الرأي) يحتمل أن يكون قيدا لقوله: (هم أراذلنا) أي كونهم أراذل وسفلة فينا معلوم في ظاهر الرأي والنظر أو في أول نظرة.
ويحتمل كونه قيدا لقوله: (اتبعك) أي اتبعوك في ظاهر الرأي أو في اوله من غير تعمق وتفكر ولو تفكروا قليلا وقلبوا أمرك ظهرا لبطن ما اتبعوك، وهذا الاحتمال لا يستغنى عن تكرار الفعل ثانيا والتقدير: اتبعوك بادي الامر وإلا اختل المعنى لو لم يتكرر وقيل: ما نراك اتبعك في بادي الرأي إلا الذين هم أراذلنا.
وبالجملة معنى الآية: أنا نشاهد أن متبعيك هم الأراذل والأخساء من القوم ولو اتبعناك ساويناهم ودخلنا في زمرتهم وهذا ينافي شرافتنا ويحط قدرنا في المجتمع، وفي الكلام إيماء إلى بطلان رسالته عليه السلام بدلالة الالتزام فإن من معتقدات العامة أن القول لو كان حقا نافعا لتبعه الشرفاء والعظماء وأولوا القوة والطول فلو استنكفوا عنه أو اتبعه الأخساء والضعفاء كالعبيد والمساكين والفقراء ممن لا حظ له من مال أو جاه ولا مكانة له عند العامة فلا خير فيه.
وقوله: (وما نرى لكم علينا من فضل) المراد نفى مطلق الفضل من متاع دنيوي يختصون بالتنعم به أو شئ من الأمور الغيبية كعلم الغيب أو التأيد بقوة ملكوتية وذلك لكون النكرة - فضل - واقعة في سياق النفي فتفيد العموم.
وقد أشركوا أتباع نوح عليه السلام والمؤمنين به منهم في دعوته إذ قالوا: (ولا نرى لكم علينا) ولم يقولوا: (ولا نرى لك) لانهم كانوا يحثونهم ويرغبونهم في اتباع ما اتبعوه من الطريقة.
والمعنى أن دعوتكم إيانا - وعندنا ما نتمتع به من مزايا الحياة الدنيا كالمال والبنين والعلم والقوة - إنما يستقيم ويؤثر أثره لو كان لكم شئ من الفضل تفضلون به علينا من زينة الحياة الدنيا أو علم من الغيب أو قوة من الملكوت حتى يوجب