كل نفس معها سائق وشهيد) ق: 21.
وقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم شهادة منهم عليهم بالافتراء على الله أي سجل عليهم بأنهم المفترون من جهة شهادة الاشهاد عليهم بذلك في موقف لا يذكر فيه إلا الحق ولا مناص فيه عن الاعتراف والقبول كما قال تعالى: (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) النبأ: 38 وقال تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) آل عمران: 30.
قوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله) الخ، تتمة قول الاشهاد، والدليل عليه قوله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون) الأعراف: 45.
وهذا القول منهم المحكى في كلامه تعالى تثبيت منهم للبعد واللعن على الظالمين وتسجيل للعذاب، وليس اللعن والرحمة يوم القيامة كاللعن والرحمة في الدنيا كما في قوله تعالى: (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) البقرة: 159 وذلك أن الدنيا دار عمل ويوم القيامة يوم جزاء فما فيه من لعنة أو رحمة هو إيصال ما ادخر لهم إليهم فلعن اللاعن أحدا يوم القيامة طردة من رحمة الله الخاصة بالمؤمنين وتسجيل عذاب البعد عليه.
ثم فسر سبحانه الظالمين بقوله حكاية عنهم: (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون) فهم الذين لا يذعنون بيوم الحساب حتى يعملوا له وإنما يعملون للدنيا ويسلكون من طريق الحياة ما يتمتعون به للدنيا المادية فحسب، وهو السنة الاجتماعية غير المعتنية بما يريده الله من عباده من دين الحق وملة الفطرة فهؤلاء سواء اعتقدوا بصانع وعملوا بسنة محرفة منحرفة عن دين الفطرة وهو الاسلام أم لم يعتقدوا به ممن يقول: ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر، ظالمون مفترون على الله الكذب، وقد تقدم بعض الكلام المتعلق بهذه المعاني في سورة الأعراف آية 44 - 45.
وقد بان مما تقدم من البحث في الآيتين اولا: ان الدين في عرف القرآن هو