الكذب لان المفترى على الله كذبا من أظلم الظالمين، ولهم من وبال كذبهم كذا وكذا.
وكيف كان فالمراد بافتراء الكذب على الله سبحانه توصيفه تعالى بما ليس فيه أو نسبة شئ إليه بغير الحق أو بغير علم، والافتراء من أظهر أفراد الظلم والاثم، ويعظم الظلم بعظم متعلقه حتى إذا انتهى إلى ساحة العظمة والكبرياء كان من أعظم الظلم.
والكلام واقع موقع قلب الدعوى عليهم إذ كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنه افترى على الله كذبا بنسبة القرآن إليه فقلب القول عليهم أنهم هم الذين افتروا على الله كذبا إذا أثبتوا له شركاء بغير علم وهو الله لا إله إلا هو، وإذ صدوا عن سبيل الله ومعناه نفى كونه سبيلا لله وهو افتراء، وإذ طلبوا سبيلا أخرى فاستنوا بها في حياتهم وكان ذلك تغييرا لسبيل الله التي تهدى إليها الفطرة والنبوة، وإذ كفروا بالآخرة فنفوها وذلك إثبات مبدء من غير معاد ونسبة اللغو وفعل الباطل إليه تعالى وهو افتراء عليه.
وبالجملة انتحالهم بغير دين الله ونحلته، وأخذهم بالعقائد الباطلة في المبدء والمعاد واستنانهم بغير سنة الله في حياتهم الدنيوية الاجتماعية - والذي من الله إنما هو الحق ولا سنة عند الله إلا دين الحق - افتراء على الله، وسيشهد عليهم الاشهاد بذلك يوم يعرضون على ربهم.
وقوله تعالى: (أولئك يعرضون على ربهم) العرض إظهار الشئ ليرى ويوقف عليه، ولما كان ارتفاع الحجب بينهم وبين ربهم يوم القيامة بظهور آياته ووضوح الحق الصريح من غير شاغل يشغل عنه حضورا اضطراريا منهم لفصل القضاء سماه عرضا لهم على ربهم كما سمى بوجه آخر بروزا منهم لله فقال: (يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ) المؤمن: 16، وقال: (وبرزوا لله الواحد القهار) إبراهيم: 48 فقال: (أولئك يعرضون على ربهم) أي يأتي بهم الملائكة الموكلون بهم فيوقفونهم موقفا ليس بينهم وبين ربهم حاجب حائل لفصل القضاء.
وقوله: (ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم) الاشهاد جمع شهيد كأشراف جمع شريف وقيل: جمع شاهد كأصحاب جمع صاحب، ويؤيد الأول قوله تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) النساء: 41 وقوله: (وجاءت