عنه الوحشة وقوى قلبه وارتبط جأشه وقد احتج تعالى بما يماثل هذا المعنى في قوله:
(قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) الأحقاف: 10.
وعلى هذا فقوله: (يتلوه) من التلو لا من التلاوة، والضمير فيه راجع إلى (من) أو إلى (بينة) باعتبار انه نور أو دليل، ومال الوجهين واحد فإن الشاهد الذي يلي صاحب البينة يلي بينته كما يلي نفسه والضمير في قوله: (منه) راجع إلى (من) دون قوله: (ربه) وعدم رجوعه إلى البينة ظاهر ومحصل المعنى:
من كان على بصيرة إلهية من أمر ولحق به من هو من نفسه فشهد على صحة امره واستقامته.
وعلى هذا الوجه ينطبق ما ورد في روايات الفريقين ان المراد بالشاهد علي عليه السلام إن أريد به انه المراد بحسب انطباق المورد لا بمعنى الإرادة الاستعمالية.
وللقوم في معنى الجملة أقوال شتى فقيل: إن (يتلو) من التلاوة كما قيل:
إنه من التلو، وقيل: إن الضمير في (يتلوه) راجع إلى (البينة) كما قيل: إنه راجع إلى (من).
وقيل: المراد بالشاهد القرآن: وقيل: جبرائيل يتلو القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولعله مأخوذ من قوله تعالى: (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون) النساء: 166، وقيل: الشاهد مل ك يسدد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحفظه القرآن، ولعله لنوع من الاستناد إلى الآية المذكورة.
وقيل: الشاهد هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال تعالى: (يا أيها البنى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) الأحزاب: 45، وقيل: شاهد منه لسانه أي يتلو القرآن بلسانه.
وقيل: الشاهد علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد وردت به عدة روايات من طرق الشيعة وأهل السنة.
والتأمل في سياق الآية وظاهر جملها يكفي مؤنة إبطال هذه الوجوه غير ما قدمناه من معنى الآية فلا نطيل الكلام بالبحث عنها والمناقشة فيها.