الانسان الحاكمين في من دونهم من افراد المجتمع الذين يجب الخضوع لمقامهم والتسليم لارادتهم ولو استكبر عن الخضوع لهم والتسليم لارادتهم من دونهم سخطوا عليهم وعاقبوهم بما أجرموا وتمردوا.
وعلى هذا القياس يجب إرضاء الرب أو الأرباب الذين يرجع إليهم أمر الكون وولاية النظام الجاري فيه فيجب إرضاؤه وإخماد نار غضبه بالخضوع له والتقرب إليه بتقديم القرابين والتضحية وسائر انحاء العبادة فهكذا كانوا يعتقدون وهو مبنى على الظن.
لكن مسألة نزول العذاب على الاستنكاف عن عبادة الله تعالى والاستكبار عن التسليم والخضوع لساحة الربوبية مسألة حقيقية يقينية فإن من النواميس الكلية الجارية في الكون لزوم خضوع الضعيف للقوى والمتأثر المقهور للمؤثر القاهر فما قولك في الله الواحد القهار الذي إليه مصير الأمور.
وقد أبدع الله سبحانه أجزاء الكون وربط بعضها ببعض ثم أجرى الحوادث على نظام الأسباب وعلى ذلك يجرى كل شئ في نظام وجوده فلو انحرف عما يخطه له سائر الأسباب من الخط أدى ذلك إلى اختلال نظامها وكان ذلك منازعة منه لها وعند ذلك ينتهض سائر الأسباب الكونية من أجزاء الوجود لتعديل أمره وإرجاعه إلى خط يلائمها تدفع بذلك الشر عن نفسها فإن استقام هذا الجزء المنحرف عن خطه المخطوط له فهو وإلا حطمتها حاطمات الأسباب ونازلات النوائب والبلايا، وهذا أيضا من النواميس الكلية.
والانسان الذي هو أحد اجزاء الكون له في حياته خط خطه له الصنع والايجاد فإن سلكه هداه إلى سعادته ووافق بذلك سائر اجزاء الكون وفتحت له أبواب السماء ببركاتها وسمحت له الأرض بكنوز خيراتها، وهذا هو الاسلام الذي هو الدين عند الله تعالى المدعو إليه بدعوة نوح ومن بعده من الأنبياء والرسل عليهم السلام.
وإن تخطاه وانحرف عنه فقد نازع أسباب الكون وأجزاء الوجود في نظامها الجاري وزاحمها في شؤون حياتها فليتوقع مر البلاء ولينتظر العذاب والعناء فإن استقام في امره وخضع لإرادة الله سبحانه وهى ما تحطمه من الأسباب العامة فمن