على بينة من ربهم المدلول عليهم بقوله: (أفمن كان) الخ، وأما إرجاع الإشارة إلى المؤمنين لدلالة السياق عليهم فبعيد عن الفهم.
وكذا الضمير في قوله: (به) راجع إلى القرآن من جهة أنه بينة منه تعالى أو أمر قامت عليه البينة، وأما إرجاعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يلائم ما قررناه من معنى الآية فإن في صدر الآية بيان حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحو العموم حتى يتفرع عليه قوله: (فلا تك في مرية منه) كأنه قيل: إنك على بينة كذا ومعك شاهد وقبلك كتاب موسى، ومن كان على هذه الصفة يؤمن بما اوتى من كتاب الله، ولا يصح أن يقال: ومن كان على هذه الصفة يؤمن بك، والكلام في الضمير في (ومن يكفر به) كالكلام في ضمير (يؤمنون به).
وأمر الآية فيما يحتمله مفردات ألفاظها وضمائرها عجيب فضرب بعضها في بعض يرقى إلى الوف من المحتملات بعضها صحيح وبعضها خلافه.
قوله تعالى: (فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) المرية كجلسة النوع من الشك، والجملة تفريع على صدر الآية، والمعنى أن من كان على بينة من ربه في أمر وقد شهد عليه شاهد منه وقبله إمام ورحمة ككتاب موسى ليس كغيره من لناس الغافلين المغفلين فهو يؤمن بما عنده من أمر الله ولا يوحشه إعراض أكثر الناس عما عنده، وأنت كذلك فإنك على بينة من ربك ويتلوك شاهد ومن قبلك كتاب موسى إماما ورحمة وإذا كان كذلك فلا تك في مرية من أمر ما أنزل إليك من القرآن إنه محض الحق من جانب الله ولكن أكثر الناس لا يؤمنون.
وقوله: (إنه الحق من ربك) تعليل للنهي وقد اكد بأن ولام الجنس للدلالة على توافر الأسباب النافية للمرية وهى قيام البينة وشهادة الشاهد وتقدم كتاب موسى إماما ورحمة.
قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) إلى آخر الآية، من الممكن أن يكون ذيلا للسياق السابق من حيث كان تطييبا لنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيؤل المعنى إلى أنك إذ كنت على بينة من ربك لست بظالم فحاشاك أن تكون مفتريا على الله