تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١٩٢
فالكلام على الكناية.
وأعدل الوجوه آخرها وهى جميعا سخيفة ظاهرة السخافة. والوجه ما قدمناه.
قوله تعالى: (أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون) اما خسرانهم فإن الانسان لا يملك بالحقيقة - وذلك بتمليك من الله تعالى - إلا نفسه وإذا اشترى لنفسه ما فيه هلاكها وضيعتها بالكفر والمعصية فقد خسر في هذه المعاملة التي أقدم عليها نفسه فخسران النفس كناية عن الهلاك، وأما ضلال ما كانوا يفترون فإنه كان كذبا وافتراء ليس له وجود في الخارج من اوهامهم ومزاعمهم التي زينتها لهم الأهواء والهوسات الدنيوية وبانطواء بساط الحياة الدنيا يزول وينمحي تلك الأوهام ويضل ما لاح واستقر فيها من الكذب والافتراء ويومئذ يعلمون ان الله هو الحق المبين، ويبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون.
قوله تعالى: (لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون) عن الفراء: أن (لا جرم) في الأصل بمعنى لا بد ولا محالة ثم كثرت فحولت إلى معنى القسم وصارت بمعنى (حقا) ولهذا تجاب باللام نحو لا جرم لأفعلن كذا. انتهى، وقد ذكروا أن (جرم) بفتحتين بمعنى القطع فلعلها كانت في الأصل تستعمل في نتائج الكلام كلفظة (لا محالة) وتفيد أنه لا يقطع هذا القول قاطع إن كذا كذا كما يتصور نظير المعنى في (لا محالة) فمعنى الآية على هذا: حقا إنهم في الآخرة هم الأخسرون.
ووجه كونهم في الآخرة هم الأخسرين إن فرض أنهم أخسر بالنسبة إلى غيرهم من أهل المعاصي هو أنهم خسروا أنفسهم بإهلاكها وإضاعتها بالكفر والعناد فلا مطمع في نجاتهم من النار في الآخرة كما لا مطمع في أن يفوزوا في الدنيا ويسعدوا بالايمان ما داموا على العناد، قال تعالى: (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) الانعام: 12. وقال تعالى في هؤلاء المختوم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) يس: 10. وقال أيضا في سبب عدم إمكان إيمانهم:
(أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله) الجاثية: 23.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378