على أي حال مفسرة، والمعنى أن محصل رسالته النهى عن عبادة غير الله تعالى من طريق الانذار والتخويف.
وذكر بعض المفسرين أن الجملة أعني قوله: (أن لا تعبدوا) الخ، بدل من قوله: (إني لكم نذير مبين) أو مفعول لقوله مبين. ولعل السياق يؤيد ما قدمناه.
والظاهر أن المراد بعذاب يوم أليم عذاب الاستئصال دون عذاب يوم القيامة أو الأعم من العذابين يدل على ذلك قولهم له فيما سيحكيه الله تعالى عنهم: (يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء) الآية فإنه ظاهر في عذاب الاستئصال.
فهو عليه السلام كان يدعوهم إلى رفض عبادة الأوثان ويخوفهم من يوم ينزل عليهم من الله عذاب أليم أي مؤلم ونسبة الايلام إلى اليوم دون العذاب في قوله:
(عذاب يوم أليم) من قبيل وصف الظرف بصفة المظروف.
وبما تقدم يندفع ما ربما قيل: إن تعذيب المشركين مقطوع لا محتمل فما الوجه في خوفه عليه السلام من تعذيبهم المقطوع؟ والخوف إنما يستقيم في محتمل الوقوع لا مقطوعه.
وبالجملة كان عليه السلام يدعوهم إلى توحيد الله سبحانه بتخويفهم من العذاب، وإنما كان يخوفهم لانهم كانوا يعبدون الأوثان خوفا من سخطهم فقابلهم نوح عليه السلام بأن الله سبحانه هو الذي خلقهم ودبر شؤون حياتهم وأمور معاشهم بخلق السماوات والأرض وإشراق الشمس والقمر وإنزال الأمطار وإنبات الأرض وإنشاء الجنات وشق الأنهار على ما يحكيه تعالى عنه عليه السلام في سورة نوح.
وإذ كان كذلك كان الله سبحانه هو ربهم لا رب سواه فليخافوا عذابه وليعبدوه وحده.
وهذه الحجة في الحقيقة حجة برهانية مبنية على اليقين لكنهم إنما كانوا يتلقونها حجة جدلية مبنية على الظن لانهم لسذاجة أفهامهم كانوا يتوقعون سخط الرب وعذابه على المخالفة لانهم يرونه وليا لأمرهم مصلحا لشأنهم فيقيسون امره بأمر الأولياء من